شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 360 - الجزء 2

  ويدل على أن من أهل بالحج قبل أشهر الحج يلزمه ما دخل فيه قول الله تعالى: {۞يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اِ۬لْأَهِلَّةِۖ قُلْ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّۖ}⁣[البقرة: ١٨٨]، فجعل جميع الأهلة مواقيت للناس والحج، فوجب أن يصح الإحرام له في جميع الشهور.

  فإن قيل: هو مخصوص بقوله تعالى: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٦].

  قيل له: بل يحمل قوله: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٦] على أنها وقت الاختيار، ويجرى قوله: {۞يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اِ۬لْأَهِلَّةِۖ}⁣[البقرة: ١٨٨] على عمومه.

  فإن قيل: كيف صرتم أنتم باستعمالكم أولى منا باستعمالنا؟

  قيل له: لأن الآية التي تعلقنا بها حقيقة فيما ادعيناه، ومفيدة له بظاهرها، والآية التي تعلقتم بها لا بد من أن يدخل فيها الضمير، وتقدر بوقت الحج أشهر معلومات فتصير مجازاً، ولا تفيد بظاهرها ما ادعيتموه، فكان استعمالنا أولى من استعمالكم؛ لأنا قضينا بما هو حقيقة على المجاز، وأنتم قضتم بالمجاز على الحقيقة.

  فإن قيل: قوله تعالى: {مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّۖ}⁣[البقرة: ١٨٨] محمول على العمرة؛ لأن العمرة يقال لها: الحج.

  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «العمرة هي الحجة الصغرى»، فتكون الأهلة كلها مواقيت للعمرة.

  قيل له: لو ثبت أن العمرة مرادة بالآية كان حق العموم يقتضي أن تكون الأهلة كلها مواقيت للحج والعمرة؛ لأن دخول الألف واللام على الحج يقتضي استغراق الجنس، كما اقتضى دخولهما على الأهلة استغراق الجنس. على أن إطلاق الحج يقتضي في عرف الشرع وعرف اللغة الحج المعهود دون العمرة وإن كان يجوز إطلاقه على العمرة، فلا يجب إذاً أن تكون العمرة مرادة بها؛ إذ الإطلاق لا يتناولها.