شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 387 - الجزء 2

  فأما كونه مكروهاً فهو مما لا أحفظ فيه خلافاً، ونهي عمر عنها بقوله: «متعتان كانتا على عهد رسول الله ÷ أنا أنهى عنهما، وأعاقب على فعلهما» في وفور من الصحابة ومحضر منهم يدل على ذلك؛ لأن إحدى المتعتين المذكورتين هي إدخال العمرة على الحج؛ إذ لا خلاف أن التمتع بالعمرة إلى الحج غير منهي عنه، وإذا ثبت بما بينا أنها تنعقد فيجب رفضها؛ لأن المهل بالحج قد لزمته أعمال الحج واستغرقته، ولا يصح منه المضي في العمرة.

  فإن قيل: أليس القارن تلزمه أعمال الحج ويلزمه مع ذلك المضي في أعمال العمرة؟

  قيل له: إن القارن تلزمه أعمال الحج وأعمال العمرة معاً، فلا تكون أعمال الحج مستحقة عليه على طريق الانفراد والتعيين، وليس المهل بالحج كذلك؛ لأنه مستحق عليه أعمال الحج على الانفراد والتعيين، فلم يجز له المضي في أعمال العمرة. على أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن المهل بالحج لو طاف ثم أدخل عليه عمرة بعد الطواف أنه يلزمه رفضها، فكذلك إذا أدخل عليها⁣(⁣١) قبل الطواف، والمعنى أنه أدخل عمرة على حجة، فكل من أدخل عمرة على حجة فيجب أن يلزمه رفضها. على أنه لا يخالف في أن ذلك يكره، فلو كان سبيل من أدخل العمرة على الحج قبل الطواف - على ما ذهب إليه - سبيل القارن لم يكن ذلك مكروها، ولم يكن الفاعل له مسيئاً. على أن نهي عمر عن ذلك لا يفرق بين إدخال العمرة قبل الطواف أو بعده، فهو على الحالين [مدخل عمرة على حجة]⁣(⁣٢)، وإذا ثبت ذلك صح ما ذكرناه من أن المضي في عمل العمرة لا يصح على الحالين؛ إذ لا وجه للنهي غير ذلك⁣(⁣٣)، ألا ترى أن القران الذي يصح معه


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) ما بين المعقوفين من (أ) ومظنن به في (ب، د).

(٣) في (أ، د): عن ذلك، وفي (ب): عن غير ذلك.