شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع

صفحة 398 - الجزء 2

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  وقال الشافعي: يجزيه طواف واحد.

  والأصل فيه: قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ اُ۬لْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِۖ}⁣[البقرة: ١٩٥]، وتمام الحج أن يطاف ويسعى له، وتمام العمرة أن يطاف ويسعى لها، فوجب على من جمع بينهما لكل واحدة منهما طواف وسعي بحكم الظاهر.

  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني ¥، قال: حدثنا علي بن هارون بن أبان، قال: حدثنا عمر بن أيوب، قال: حدثنا محمد بن بكار بن زيات، عن حفص بن أبي داود، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي # أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين، ثم قال له: (هكذا رأيت رسول الله ÷ فعل).

  وروى ابن أبي شيبة أيضاً بإسناده عن عمرو بن الأسود، عن الحسين بن علي @ قال: (إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين)⁣(⁣٢).

  فإن قيل: فكيف استدللتم بما رويتم عن علي # على أنه طاف لهما طوافين وسعى سعيين وقال: (هكذا رأيت رسول الله ÷ فعل) وقد روي أنه كان # متمتعاً، وروي أنه كان مفرداً، فكيف يستقيم لكم هذا الاستدلال؟

  قيل له: هو محمول على أحد الوجهين: إما أن يكون ÷ دخل مكة قارناً كما روي، فرآه أمير المؤمنين علي # يطوف طوافين ويسعى سعيين، وهذا هو الذي يقتضيه ظاهر الخبر، أو يكون دخل مفرداً أو متمتعا، فيكون معنى قوله: (هكذا رأيت رسول الله ÷ فعل) الأمر بذلك، وأي الوجهين ثبت حصل ما ذهبنا إليه من أن القارن عليه طوافان وسعيان.


(١) في (أ): المنتخب والأحكام.

(*) الأحكام (١/ ٢٤٥) والمنتخب (١١٩).

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٢٩١).