شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 399 - الجزء 2

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: هو محمول على أنه تطوع بأحدهما؟

  قيل له: السعي لا يتطوع به، فبطل هذا التأويل.

  فإن قيل: روي عن نافع عن ابن عمر أن النبي ÷ قال: «من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد»⁣(⁣١).

  قيل له: ذكر الطحاوي أن الحفاظ رووه موقوفاً على ابن عمر، وأن من رفعه فقد أخطأ. على أنه يحتمل أن يكون مراد النبي ÷ بقوله: «طواف واحد» بصفة واحدة إن صح الخبر، وهذا أولى؛ لأن أمير المؤمنين # إذا روى خلافه عن النبي ÷ فهو أولى بالاتباع، أما على أصولنا فلأنا⁣(⁣٢) نوجب اتباعه ولا نجيز مخالفته، وأما على أصول مخالفينا فلأنه كان أحفظ وأشد إتقاناً من ابن عمر، وكان # أعرف بأحوال النبي ÷ وبمقاصده من ابن عمر.

  فإن قيل: روي عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «طوافكِ يجزيكِ لحجكِ وعمرتكِ»⁣(⁣٣).

  قيل له: إن عائشة لم تكن قارنة، وإنها أفردت الحج، ثم أفردت العمرة من التنعيم، فكيف يصح ذلك؟ على أنه إن ثبت كان محمولاً على ما تأولنا عليه خبر ابن عمر أن المراد به طوافك على صفة واحدة يجزيك لحجك وعمرتك.

  ومما يدل على ذلك أنه لو أفرد الإحرام لكل واحدة منهما [لزمه لكل واحدة منهما]⁣(⁣٤) طواف وسعي، فكذلك إذا جمع، والمعنى أنه محرم بهما جميعاً. وأيضاً لا خلاف أن الوقوف الواحد بعرفة لا يقع إلا عن حجة فقط، فوجب أن يكون الطواف الواحد كذلك، والمعنى أنه ركن من أركان الحج، فوجب ألا يقع


(١) أخرجه الترمذي (٢/ ٢٧٦) والطحاوي (٢/ ١٩٧).

(٢) في (أ): فإنا.

(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٨٨٠) بلفظ: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك».

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).