كتاب الحج
  يدخلها التخصيص؛ إذ في الصيد ما لا مثل له في الخلقة وما جرى مجراها، فإذا حملناها على التقويم لم يجب أن يدخلها التخصيص؛ لأن التقويم ممكن ومتأت في كل صيد، وحمل الآية على ما لا يوجب تخصيصها أولى من حملها على ما يوجب تخصيصها.
  قيل له: وأنتم أيضاً فلا بد لكم من تخصيصها؛ لأن من الصيد ما لا تبلغ قيمته قيمة شيء من النعم، فلا بد من(١) أن تخصوه، فإذا تساوينا في التخصيص لها على بعض الوجوه كان ما ذهبنا إليه أولى؛ لأنه حقيقة المماثلة.
  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: المماثلة يجوز أن يراد بها في السمن والعجف والسن، وأنتم لا تقولون بذلك؟
  قيل له: خصصناه بدلالة الوفاق.
  فإن قيل: فأنتم ترجعون فيما لا مثل له من جهة الخلقة ونحوها إلى التقويم، فثبت أن التقويم مراد بالمماثلة، فإذا ثبت ذلك لم يجب أن يكون غيرها مراداً بالآية، سيما على ما ذكرتموه من أن التساوي في القيمة تطلق عليه لفظة المثل مجازاً.
  قيل له: هذا السؤال ساقط عنا؛ لأنا نجوز أن يراد باللفظة الواحدة المجاز والحقيقة معاً، وقد ذكرنا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا. على أنا لا نمنع أن يقال: إن حكم ما لا مثل له من الأنعام من جملة الصيد في التقويم غير مأخوذ من الآية، فسقط السؤال.
  فإن قيل: وأنتم تبطلون حكم ذوي عدل، وقد أمر الله تعالى به؛ لأن الاعتبار إذا كان بالخلقة وما جرى مجراها لم يحتج إلى الحكم.
  قيل له: لسنا نخرج في شيء من ذلك عن حكم ذوي عدل؛ لأن الصيد ينقسم ثلاثة أقسام:
(١) «من» ساقطة من (د).