باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  يؤكد ما ذهبنا إليه: أن إذن السيد له بالإحرام جار مجرى تضمن ما يجري بسببه، كما قلنا ذلك في المهر والمتعة والنفقة، ألا ترى أن إذنه له بالنكاح يجري مجرى تضمنها؟ وكذلك الأذن له في البيع والشراء يجري مجرى تضمن ما يجب بسببهما.
  فإن قيل: فلم فرقتم بين ما يفعل من ذلك تمرداً وبين ما يفعله على وجه لا يأثم فيه؟
  قيل له: لأن الأصل فيما يرتكبه العبد من المحظورات التي لا يتعلق بها حق آدمي بعينه أنه لا يضمنه السيد عنه، وليس يمتنع من باب التحمل أن يفرق بين الجناية الواقعة على وجه يستحق بها المآثم والجناية الواقعة على وجه لا يستحق المآثم بها، ألا ترى أن العاقلة تتحمل جناية الخطأ ولا تتحمل جناية العمد؟ وليس يمتنع أن نقول في وجه الفرق بينهما: إنا لو أوجبنا التحمل في العدوان والتمرد كان ذلك إغراءً للعبد بمثله، وهذا ممتنع لا يحسن، ويشهد لصحة هذه التفرقة تحمل العاقل دية الخطأ، ولا يجب أن يستبعد ما ذهبنا إليه من تحمل المولى عنه الكفارة؛ لأنا وكثيراً من العلماء قلنا: إن المحرم إذا أكره زوجته على الجماع تحمل البدنة عنها، وهو قول الشافعي في غير الإكراه أيضاً، وبه قال في كفارة الجماع في رمضان.
مسألة: [في الصبيان إذا أحرموا وفعلوا ما يوجب فدية أو كفارة]
  قال: والصبيان إذا أحرموا فليس عليهم فداء ولا كفارة في شيء مما يفعلونه، وإن حماهم أولياؤهم عن ذلك كان حسناً، ولا يلزم ذلك.
  وهو منصوص عليه في الأحكام(١).
  والأصل في هذا: أن الصبي لا ينعقد إحرامه، فلم تحصل له حرمة الإحرام، فلهذا قلنا: إنه لا يلزمه شيء فيما يأتيه من ذلك.
(١) الأحكام (١/ ٣٠٧).