كتاب النكاح
  فإن قيل: فأنتم أيضاً لا تنكرون أن تحريم من وطئ الأب بملك اليمين على ابنه مرادٌ بالآية، فيرجع عليكم ما اعترضتم به علينا.
  قيل له: لم نسلم لكم ما ادعيتموه، ولم يمكنكم الاعتصام بالإجماع؛ لأن الذي ذكرتموه غير معلوم، وما ذكرناه معلوم؛ إذ لا خلاف أن الآية إنما نزلت(١) للمنع من العقد على التي كان الآباء عقدوا عليها، وذلك مشهور في الأخبار والروايات، على أنا لو سلمنا ذلك لم يلزمنا ما لزمكم؛ لأنا نُجَوِّز أن يراد بالعبارة الواحدة معنيان مختلفان، فسقط(٢) هذا السؤال.
  فإن قيل: فقد روي: «من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها ولا ابنتها»(٣).
  قيل له: هو محمول [على من نظر(٤)] على وجه يحل؛ بالأدلة التي قدمنا. على أن الخبر قد قيل: إنه ضعيف.
  ومما يدل على ذلك أنه وطء لا يوجب تحريم الجمع فوجب ألا يوجب التحريم المستدام؛ دليله وطء الميتة والذكور. أو يقال: هو وطء يوجب العقوبة الكاملة فوجب ألا يقتضي التحريم؛ دليله وطء الذكور، أو يقال: هو وطء لم يتقدمه أمر يحقق التملك(٥) أو يخيله(٦)، دليله وطء الميتة والذكور.
  ولا خلاف أنه إذا زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاح أختها في الحال، فوجب ألا يحرم نكاح أمها وابنتها، والمعنى أنه زنا، فوجب ألا يحرم الحلال من العقود.
  ويؤكد ما ذهبنا إليه أن الأصول تشهد لنا من حيث تفرق بين الوطء الحلال وبين الزنا في عامة الأحكام، كوجوب العدة، ولزوم النسب والنفقة، وسقوط
(١) في (ج، د): «لما نزلت نزلت». وفي (د): «إنما نزلت» نسخة.
(٢) في (أ): فيسقط.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٤٨١).
(٤) في (أ، د): يطأ. وفي (د): «نظر» نسخة، وما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٥) في (ج): الملك.
(٦) كذا في المخطوطات.