شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 53 - الجزء 3

  المراد⁣(⁣١) به حصول النكاح لا ما به يصح النكاح، يكشف ذلك أن المخالف لنا في هذه المسألة لا ينكر أن الولي لو زوجها لدخلت في الآية، فبان أن المراد ليس حصول النكاح من جهتها فقط.

  وقوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} مما يستدل به على أن الولي يملك أمرها؛ لأن النهي عن الشيء يدل على أن المنهي عنه متمكن من فعله، فلولا أن العضل له حكم لم يكن للنهي عنه معنى؛ لأن النهي يكون إذاً نهياً عما لم يتمكن منه، وذلك لا يصح، ألا ترى أن عضله لو لم يكن له حكم لكان المنع لا يصح؛ لأنه كان يصح منها أن تتزوج مع المنع فلا يصح النهي عنه. على أنه قد روي عن الحسن فيما رواه عنه أبو داود في السنن وغيره قال: حدثني معقل بن يسار قال: كانت لي أخت تُخطب [إلي]، فأتاني ابن عم لي فأنكحته⁣(⁣٢)، ثم طلقها طلاقاً له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خُطبت [إلي] أتاني يخطبها، فقلت: والله لا أنكحها أبداً، قال: ففيَّ نزلت هذه الآية: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ اُ۬لنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ...} الآية، قال: فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه⁣(⁣٣). ألا ترى أن الله تعالى جعل امتناعه من الإنكاح⁣(⁣٤) عضلاً ونهى⁣(⁣٥) عنه، فلولا أن نكاحها كان يتعلق به كان لا يكون ذلك عضلاً، ولجاز أن تزوج هي نفسها، فبان أن الآية تدل على ما ذهبنا إليه دون مذهبهم. على أن ما تعلقوا به من هذه الآية إنما هو بيان جواز عقدة النكاح دون ما به ينعقد، وفيه اختلفنا، فصارت بموضع الخلاف أخص، وصار التعلق بها أولى.


(١) في (أ، ج): والمراد.

(٢) في سنن أبي داود: فأنكحتها إياه.

(٣) سنن أبي داود (٢/ ٩٦)، وأخرجه البخاري (٦/ ٢٩)، والترمذي (٥/ ٦٦).

(٤) في (أ، ج): النكاح.

(٥) في (د): فنهى.