كتاب النكاح
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها»، وهذا يوجب تخصيص أخباركم.
  قيل له: هذا يوجب صحة مذهبنا، وذلك أن قوله ÷: «أحق بنفسها من وليها» يوجب أن للولي حقاً في نفسها كما أن لها حقاً فيها، إلا أن حقها أوكد؛ لأن لفظة «أفعل» ظاهرها أنها لا تستعمل بين شيئين إلا في أمر يشتركان فيه ويكون لأحدهما مزية، وهذا نص مذهبنا؛ لأنا نقول فيه(١): إن المرأة إذا خطبها كفء كان لكل واحد من الولي والمرأة حق في العقد؛ لأنه لا يتم عندنا إلا بهما، إلا أن حق المرأة آكد، وذلك أن الولي لو امتنع أجبر، والمرأة لو امتنعت لم تجبر، فأما قولهم: إن الولي لا حق له في العقد فإنه لا يصح مع قوله: «أحق بنفسها من وليها».
  فإن قيل: فنحن(٢) نقول بذلك في موضع آخر(٣)، وهو إذا خطبها غير كفء، فنوجب للولي فيه حقاً؛ لأن العقد عندنا إذ ذاك لا يتم إلا بالولي.
  قيل له: ففي هذا الموضع يستويان فيه - أعني المرأة والولي - ولا مزية فيه للمرأة على الولي، فلا يصح صرف قوله ÷، وإذا لم يصح ذلك وجب صرفه إلى ما قلنا، وفيه صحة مذهبنا.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «ليس للولي مع الثيب أمر»(٤).
  قيل له: هذا الحديث والحديث الذي يقول: «الأيم أحق بنفسها» فيما رواه نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس عن النبي ÷ - قد روي بألفاظ
(١) «فيه» ساقطة من (د).
(٢) في المطبوع: ونحن.
(٣) في (أ، ج): مواضع أخر.
(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٩٩)، والنسائي (٦/ ٨٥).