باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  والذي يدل على صحة ما ذهب إليه يحيى #: قوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}[النور: ٣٢] والأيم: اسم يقع على الكبار والصغار، فاقتضى عموم الآية جواز نكاح الصغار.
  ويدل على ذلك ما رواه أبو داود في السنن بإسناده عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُواْ فِے اِ۬لْيَتَٰمَيٰ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] قالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن(١).
  وروى غير أبي داود نحوه عن ابن عباس.
  وفيما رواه أبو داود بإسناده عن عروة عن عائشة قالت في قوله تعالى: {قُلِ اِ۬للَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَيٰ عَلَيْكُمْ فِے اِ۬لْكِتَٰبِ فِے يَتَٰمَي اَ۬لنِّسَآءِ اِ۬لَّٰتِے لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ اَ۬لْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَيٰ بِالْقِسْطِۖ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٖ فَإِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ بِهِۦ عَلِيماٗۖ ١٢٦}[السناء: ١٢٧] يعني قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُواْ فِے اِ۬لْيَتَٰمَيٰ} قالت: [وقول الله ø في الآية الأخيرة: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ}[النساء: ١٢٦]، هي](٢) رغبة أحدهم عن يتيمته التي في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط.
  فدل ذلك على أن للولي أن يتزوج اليتيمة التي في حجره إذا أقسط لها في الصداق.
  وأدنى الأولياء الذين يجوز لهم التزوج بالتي هو وليها ابن العم، فثبت بذلك
(١) سنن أبي داود (٢/ ٩١).
(٢) ما بين المعقوفين من سنن أبي داود (٢/ ٩١).