شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 81 - الجزء 3

  جواز إنكاح الأولياء للصغار.

  فإن قيل: يحتمل أن يكون أريد باليتيمة الكبيرة.

  [قلنا: اليتيمة اسم للصغيرة⁣(⁣١)]، ولذلك قال النبي ÷: «لا يتم بعد احتلام»، فنفى سمة اليتم بعد البلوغ، فمتى حملناه على أن المراد به البالغة حملناه على المجاز والتوسع دون الحقيقة.

  والثاني: أن نهاية القصة تدل على أن المراد به التي لم تبلغ؛ لأن البالغة إذا أعطيت دون مهر مثلها فرضيت به جاز ذلك، وإنما ورد النهي في نكاح التي لا يؤثر رضاها وسخطها، وذلك لا يكون إلا التي⁣(⁣٢) لم تبلغ.

  فإن قيل: يحتمل أن تكون الآية وردت في اليتيمة التي تكون في حجر الجد.

  قيل له: هذا ممتنع؛ لما في الخبر أنها نزلت في اليتيمة التي يريد وليها وهي في حجره أن يتزوجها، والجد ليس له أن يتزوج بابنة ابنه، فسقط هذا التأويل.

  فإن قيل: فقد روي أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه عثمان بن مظعون من عبدالله بن عمر، فقال النبي ÷: «إنها يتيمة، وإنها لا تنكح إلا بإذنها»⁣(⁣٣) فدل ذلك على أن الصغيرة لا يزوجها عمها.

  قيل له: الخبر ورد على وجه يدل على أنها كانت بالغة، وأنه ÷ قال فيها: «إنها يتيمة» على سبيل المجاز، وذلك ما رواه أبو بكر الجصاص في شرح المختصر عن دعلج بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: توفي عثمان بن مظعون فأوصى إلى أخيه قدامة، قال: فزوجني قدامةُ بنتَ عثمان، فدخل المغيرة بن شعبة على أمها فأرغبها في المال [فحطت إليه]، ورأي الجارية مع أمها، فبلغ ذلك النبي ÷ فقال لقدامة: «ألحقها بهواها؛ فإنها أحق بنفسها» فانتزعها وزوجها


(١) ما بين المعقوفين من (أ، د)، وفي (ج): قيل له: لا نسلم، ولذلك ... إلخ.

(٢) في (د): للتي.

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٣٣٠، ٣٣١).