كتاب النكاح
  المغيرة(١). فدل ذلك على أنها كانت كبيرة؛ لقوله: «ألحقها بهواها»، وذلك لا يجوز أن يقال في حق الصغيرة؛ لأنه لا اعتبار برضاها وسخطها. وكذلك ما مضى في الحديث من أن الصغيرة يزوجها وليها بإذنها يدل [على](٢) ذلك.
  على أن اللفظ الذي تعلقوا به يدل على ذلك أيضاً؛ لأن فيه أنها لا تنكح إلا بإذنها، وذلك لا يقال إلا في البالغة؛ لأن الصغيرة لا معتبر بإذنها، ووجود الإذن منها وعدمه سواء، فصح بما قلناه أن قوله ÷ فيها: «إنها يتيمة» على سبيل التوسع، وأنها كانت بالغة.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «استأمروا النساء في أبضاعهن»(٣).
  قيل له: المراد به البوالغ منهن؛ بدلالة أن استئمار الصغار لا معنى له. وكذلك إن تعلقوا بقوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها» كان محمولاً على البالغة؛ بدلالة أن الصغيرة لا تملك أمر نفسها.
  ولا خلاف في أن للأب أن يزوجها، وكذلك الشافعي يوافق على(٤) أن للجد أن يزوجها، فكذلك سائر الأولياء، والمعنى أنه ممن يحوز الإرث بالتعصيب، فوجب أن يجوز إنكاحه للصغيرة إذا لم يمنع منه مانع. يبين صحة هذه العلة أنه لو لم يكن ممن يحوز الإرث بالتعصيب لم يجز إنكاحه، نحو أن يكون عبداً، أو كافراً إذا كانت الابنة مسلمة، وكذلك إن كان ممن يحوز الإرث بالرحم لم يجز إنكاحه، وكذلك لو كانت أختاً وابنة(٥) لما لم تكن ممن يحوز الإرث بالتعصيب،
(١) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٣٠٠).
(٢) زيادة من نسخة.
(٣) أخرجه النسائي (٦/ ٨٦)، وأحمد في المسند (٤٠/ ٢١٨).
(٤) «على» ساقطة من (د).
(٥) في (أ): أو ابنة.