شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 83 - الجزء 3

  وإذا⁣(⁣١) ثبت لها التعصيب مع غيرها لم يجز إنكاحها، فلما تكاملت الأوصاف التي ذكرنا صح إنكاحه، فبان أن العلة ما ذكرنا. على أن ما بيناه من جواز النكاح الموقوف يقتضي جواز هذا النكاح؛ إذ لم يفرق أحد بينهما.

  فإن قيل: ألستم تجوزون إنكاح الحاكم لها وإن لم تحصل هذه الأوصاف له؟

  قيل له: هذا لا يفسد علتنا؛ لأنه إثبات للحكم مع عدم العلة، وإنما يفسدها وجود العلة ولا حكم.

  ومما يؤكد قياسنا أن الأب والأخ لما استوى حالهما في الإنكاح بعد بلوغهما وجب أن يستوي حالهما فيه قبل بلوغهما؛ لكون كل واحد منهما ولياً في النكاح.

  وقلنا: إن للزوج أن يدخل قبل البلوغ لأنه لا خلاف فيه بين كل من أجاز النكاح، فإذا ثبت بما بيناه جواز النكاح ثبت جواز الدخول. ولأنه نكاح ثابت لا يُراعى فيه في الحال رضا المعقود عليها وسخطها فوجب أن يجوز الدخول بها؛ دليله لو كانت بكراً زوَّجها أبوها، أو بالغة زوجها وليها بإذنها.

  وقلنا: إن لها الخيار إذا بلغت - خلافاً لأبي يوسف؛ إذ قال: لا خيار لها - لأنا وجدنا ولاية الأب على الابنة في حال كبرها لما كانت أضعف من ولايته عليها في حال صغرها كان لها الخيار في رفع ما عقد عليها الأب في حال كبرها، فكذلك سائر الأولياء لما كانت ولايتهم أضعف من ولاية الأب وجب أن يكون للمرأة الخيار في رفع ما عقدوا عليها في الوقت الذي يصح لها الخيار.

  ويبين أن ولاية الأب عليها في حال كبرها أضعف من ولايته عليها في حال صغرها أنه يجبرها على النكاح في حال الصغر، وليس له أن يجبرها عليه في حال الكبر، وله أن يزوجها عندنا بدون مهر مثلها بغير رضاها في حال الصغر، وليس له ذلك في حال الكبر. ويبين أن ولاية سائر الأولياء أضعف من ولاية الأب


(١) في (د): فإذا.