باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  ذكرناها وقعت فاسدة باطلة، وإذا وقعت فاسدة باطلة لم يصححها طروء الإسلام عليها، فوجب ألا تقرر مع الإسلام، وليس كذلك النكاح بغير ولي وشهود وما جرى مجراهما؛ لأنه حين وقع لم يقع على وجه يطلق القول فيه بأنه باطل، ألا ترى أن المسلمين لو عقداه لم يلزمنا أن نتبعهما بالفسخ، ولوجب أن نخلي بينهما وبين اجتهادهما، وكذلك لو حكم حاكم لم يجب فسخه؟ فلم يمتنع أن يستقر مع طروء الإسلام عليه.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن نكاح ذات رحم محرم لم يجز أن يقر مع الإسلام لأنه يستوي فيه حال ابتداء النكاح وحال بقائه، فلا يلزم عليه النكاح في العدة؛ لأن العدة تمنع من ابتداء النكاح ولا تمنع من بقائه(١).
  قيل له: هذه العلة لا تنافي علتنا، فنقول بهما، وإن كانت علتنا أعم من هذه، وأقوى للاعتبار الذي ذكرناه، فنحتج بهذه العلة وبعلتنا التي قدمناها على الشافعي ومحمد للمنع من مقارتهم إذا أسلموا على أن يختاروا أربعاً من خمس إذا كان العقد الواحد جمعهن، ومن أن يختاروا واحدة من الأختين إذا كان العقد الواحد جمعهما.
  ونحتج بقياسنا(٢) الأول خصوصاً على من خالفنا في نكاحهم(٣) في العدة. وأيضاً لو أن امرأة كان لها زوجان تزوجاها معاً في الشرك ثم أسلمت وأسلما وجب فسخ ذلك النكاح، فكذلك ما اختلفنا فيه؛ للعلة التي ذكرناها، فوضح بذلك أيضاً ما ذهبنا إليه.
  فإن استدلوا بما روى معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة
(١) ألا ترى أن المرأة إذا وطئت بشبهة وهي تحت زوج فوجبت عليها العدة لم يمنع ذلك بقاء العقد، ولو أراد أن يبتدئ عليها عقداً في العدة لم يصح. (من شرح مختصر الطحاوي ٤/ ٣٤٨).
(٢) في المخطوطات: لقياسنا.
(٣) في (د): خالف في نكاحهن.