شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ذكر الأولياء

صفحة 107 - الجزء 3

  وإنما يعود ذا سهم في الموضع الذي يعود لمزية له، ولتلك المزية جعلناه أولى من الأخ، ألا ترى أن الأخ لا يكون أسعد من الجد في حال؟ وقد يستويان في التعصيب، ويعود الجد أسعد من الأخ في حال، وليس كذلك حكم الأب مع الابن؛ إذ لا تعصيب له مع الابن بحال.

  فإن قيل: الأب أولى أن يعقد عليها النكاح؛ لأنه هو الذي يعقد عليها سائر العقود كالبيوع ونحوها.

  قيل له: اعتبارنا أولى؛ لأنه هو المراعى في ولاية النكاح، ولا يعتبر⁣(⁣١) فيها بسائر العقود، ألا ترى أن الوصي يعقد على الصغيرة سائر العقود وليس له عقد النكاح، وإنما هو للعصبة؟

  فإن قيل: الابن ليس من نسبها، وإنما جعل النكاح إلى من يكون من نسبها؛ لأن الغضاضة التي تلحق فيه راجعة إلى من يكون لها نسباً.

  قيل له: الابن هو منها، فهو أقرب نسباً إليها من غيره، والغضاضة قد تلحق الابن كما تلحق سائر العصبات. على أنا نعلم من طريق العادة أن الخال تلحقه الغضاضة لما يكون من بنت⁣(⁣٢) أخته كما تلحق العم بما يكون من ابن أخيه، ومع هذا لا ولاية للخال، فبان أن الاعتبار غير مقصور عليها.

  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا يؤم الرجل أباه وإن كان أفقه منه»، فأكد حقوق الآباء، فيجب ألا يكون أولى منه بالإنكاح.

  قيل له: وتأكد الحق أيضاً لا مساغ له في هذا الباب؛ لأنا نعلم أن الأم آكد حقاً من ابن العم، ومع هذا الولاية لابن العم دون الأم. على أن هذا لو صح لوجب أن يكون الجد أولى من الأب. ويقوى اعتبارنا بحديث ابن عباس عن النبي ÷: «اقسم المال بين أهل الفرائض على كتاب الله تعالى، فما تركت


(١) في (د): معتبر.

(٢) في (ج): ابن.