شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المهور

صفحة 139 - الجزء 3

  الصغيرة وليها ما لم يكن الولي الأب⁣(⁣١) بدون مهر مثلها - أن لها الخيار في فسخ عقدة النكاح عليها؛ لأن المهر ليس بأوكد من عقدة النكاح، فإذا افتقرت عقدة النكاح إلى رضاها افتقرت عقدة المهر إلى ذلك.

  ووجه قولنا: إن الأب إذا زوج ابنته الصغيرة بدون مهر مثلها جاز ذلك أنا قد علمنا أنه لو زوجها بدون مهر مثلها برضاها وهي بالغة أجزأ ذلك، فكذلك إذا زوجها به وهي صغيرة؛ دليله عقدة النكاح لما كان إذا زوجها برضاها وهي بالغة كان العقد ماضياً كذلك إذا زوجها وهي صغيرة، والمعنى أنه عقد يستباح به بضعها.

  يبين صحة هذا: أن سائر العقود لا يستباح به بضعها لا يستوي⁣(⁣٢) الأمر بين أن يعقد عليها وهي صغيرة وبين أن يعقد عليها برضاها وهي كبيرة، وعقد النكاح لما كان يستباح به بضعها استوى الأمران فيه.

  ولا يجب أن يكون سبيل المهر سبيل بيع مالها بدون قيمة مثله؛ لأن القصد بالبيع الثمن فلم يجز أن يبخسها حظها فيما هو المقصود، وليس المقصد بالنكاح المهر، بل المقصد فيه أن يختار لها موضعاً لا يضع منها⁣(⁣٣)، ولا يحصل لها به أذية، يكشف ذلك أن سائر العقود من البياعات والإجارات لما كان المقصد بها الأعواض لم يراع فيها حال العاقد، فبان أن المقصود ما سواه، وإنما وجب حصول العوض فيه للتعبد لا أنه المقصود.

  وروي أن النبي ÷ زوج ابنته فاطمة صلوات الله عليها على صداق خمسمائة درهم⁣(⁣٤)، وهي سيدة النساء، وقد علمنا أنه ÷ لم يكن ليبخسها


(١) في (ج، د): أبا.

(٢) في (أ، د): لاستواء.

(٣) بأن يضعها في منصب حسن.

(٤) أخرجه في مجموع زيد بن علي # عن علي # قال: (أنكحني رسول الله ÷ ابنته فاطمة & على اثنتي عشرة أوقية ونصف من فضة. والوقية: أربعون درهماً.