شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 143 - الجزء 3

  فيه صحة المهر، وكذلك قوله ÷: «لا نكاح إلا بولي وشهود» ولم يشترط فيه صحة المهر.

  فإذا ثبت بما بيناه صحة العقد فلا خلاف أن مهر المثل يجب فيه، وقد ذكرنا ما يوجبه أيضاً في المسألة التي تقدمت هذه.

  وأما النكاح على تعليم القرآن فإن الشافعي يقول فيه: إنه جائز، ولا يوجب فيه مهر المثل، ولا نختلف في الجواز، وإنما نختلف في وجوب مهر المثل.

  والذي يدل على أنه لا يجوز أن يكون ذلك مهراً قوله ÷: «لا يكون مهر أقل من عشرة دراهم» وقوله: «لا مهر دون عشرة دراهم» وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُم}⁣[النساء: ٢٤] وتعليم القرآن ليس بمال ولا جارٍ مجرى المال.

  ويدل على ذلك: أن تعليم القرآن لا يجوز أن يستحق عليه العوض؛ لأنه عبادة لا يصح فيها النيابة، ولقوله ÷: «من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظه» وقول أمير المؤمنين لرجل: (إني أبغضك؛ لأنك تتغنى في الأذان، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً) ولا يجوز أن يبغضه إلا لتوقيف عنده في النهي عنه.

  وعن أبي بن كعب قال: علمت رجلاً مائة آية من القرآن فأعطاني قوساً، فرآني رسول الله ÷ فقال: «أتحب أن يقوسك الله تعالى قوساً من نار، اذهب فردها»، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه لا يجوز أن يكون مهراً كسائر ما يفعله من العبادات فرضاً أو نفلاً. على أنه إذا ثبت أنه لا يجوز أن يؤخذ عليه الأجر فلم يقل أحد مع ذلك إلا أنه لا يجوز أن يكون مهراً.

  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه زوج امرأةً رجلاً فقال: «زوجتك بما معك من القرآن» وفي بعض الأخبار: «زوجتكها على أن تعلمها كذا وكذا آية من القرآن»⁣(⁣١).


(١) أخرج نحوه: مسلم (٢/ ١٠٤١) وأبو داود (٢/ ١٠٢).