باب القول فيما يرد به النكاح
  وقوله: إن الزوج لا يرجع عليها بالمهر محمول على أحد الوجهين: إما أن يكون المراد حصول الاستحقاق وإن استحق الزوج عليه بدله، أو يكون المراد به إذا لم تكن المرأة غارة وكان الغار غيرها.
  فأما الأولاد فلا خلاف بين الصدر الأول والفقهاء من بعدهم في أنهم أحرار، ولم يختلف السلف أنهم مضمونون على الأب وإن اختلفوا في كيفية الضمان، فروي عن عمر أنه قال: غلام بغلام، وجارية بجارية(١)، وقول علي #: إن الواجب فيهم القيم(٢). وإليه يذهب عامة الفقهاء.
  ويقوي ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه حكم في عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر أن يضمن قيمته(٣)، ولم يحكم عليه بنصف عبد مثله، فصار ذلك أصلاً في أن ضمان الحيوان ضمان القيم. وأيضاً لا يختلف الفقهاء أن من استهلك لغيره حيواناً أو ثياباً أنه يضمن القيمة دون المثل، فكذلك في مسألتنا؛ لأنه(٤) أعدل وأبعد من الجهالة، ألا ترى أن المستهلك لو كان مما يكال أو يوزن ضمن المستهلك مثله لما كان المثل فيه أعدل وأبعد من الجهالة.
  ولا خلاف أيضاً أن المغرور يرجع بقيمتهم على الغار؛ فلذلك قلنا: إنها إذا كانت هي الغارة كانت القيمة في رقبتها. واختلف في ذلك، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن القيمة تكون في ذمتها تطالب بها إذا عتقت.
  وقلنا نحن: إنها تكون في رقبتها بمنزلة جناياتها(٥) التي تلزم سيدها، كما قلناه في سائر الجنايات، وهذه الجملة نوضح القول فيها بعد، والذي يختص(٦) هذا الموضع بيان أن التغرير جناية، وقد سلف القول فيه، فلا وجه لإعادته.
(١) روى نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٣٥٨).
(٢) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٥)، وأمالي أحمد بن عيسى (٣/ ٢٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣/ ١٣٩)، ومسلم (٢/ ١١٣٩).
(٤) في (د): لأنها.
(٥) في (أ): جنايتها.
(٦) في (د): يخص.