شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 196 - الجزء 3

  مرة⁣(⁣١) واحدة، يكشف ذلك أن الوطء لما كان مما أوجبه عقد النكاح للزوج تكررت مطالبته به، ولم يجب الاقتصار على مرة واحدة، فإذا ثبت ذلك لم يجب لها الخيار بالعجز عنه، كما لا يكون لها الخيار إذا عجز عن سائر ما ليس لها المطالبة به.

  ومما يبين أن الوطء ليس بحق لها أنها تستحق العوض عليه، ولا يجوز أن يستحق الإنسان العوض على استيفاء حقه، ألا ترى أنه لما كان حقاً للزوج لم يجز أن يستحق العوض على استيفائه، بل يستحق عليه العوض؟ وإذا ثبت أنه ليس بحق لها وجب أن يكون العجز عنه لا يوجب لها خياراً.

  فإن قيل: لا خلاف أن المولي مطالب بالوطء، وهذا يعترض ما ذكرتموه.

  قيل له: نحن إنما أنكرنا أن يكون الوطء مما يجب بعقد النكاح، فوجوبه بالإيلاء لا يعترض ما قلناه، على أنا لسنا نسلم أن الإيلاء يوجب الوطء على الإطلاق؛ لأنه عندنا يجب بشرط القدرة عليه، فإن عجز كفاه أن يفيء بلسانه.

  فإن قيل: فإنها لما تملك عليها بضعها وجب أن تملك هي المهر وتستحقه استحقاقاً صحيحاً، وذلك لا يكون إلا بالوطء؛ لأن من الناس من لا يرى إيجاب المهر بالخلوة.

  قيل له: عندنا أنها بالخلوة تستحق كمال المهر استحقاقاً صحيحاً، فالسؤال ساقط عنا.

  فإن قيل: لا يكون ذلك الاستحقاق صحيحاً؛ لأنه من الجائز أن يترافعا إلى حاكم لا يحكم بكمال المهر في الخلوة.

  قيل له: وما في ذلك مما يمنع كونها مستحقة لكمال المهر عندنا؟ على أن حاكماً لو كان حكم لها بالخلوة بكمال المهر لم يكن لحاكم غيره فسخ ذلك، وتكون هي قد استحقته استحقاقاً لا يصح الاعتراض عليه، ومع ذلك فإنكم تثبتون لها الخيار، فبان أن تعلقكم بذلك مما لا معنى له.


(١) في (أ، ج): كرة.