شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يرد به النكاح

صفحة 200 - الجزء 3

  يوجب رد النكاح بالعيب، ومنهم من يوجب رده بالعيب ويوجب للزوج الرجوع بالمهر على من غره إذا استحق عليه بالوطء، ولم يكن فيهم من يوجب الرد ولا يوجب الرجوع بالمهر على الغار، فإذا ثبت ما بيناه من وجوب الرد ثبت وجوب الرجوع بالمهر على الغار؛ إذ لا فصل بينهما.

  ومما يدل على ذلك أنه استحق بالمهر استدامة الاستمتاع على الصحة، فلما تعذر ذلك ولزمه المهر صار ذلك في حكم التالف، فوجب أن يضمنه الغار، دليله لو أتلف عليه غير ذلك من ماله.

  ولا خلاف أن المغرور بالأمة يرجع على من غره بقيمة الأولاد إذا لزمته، فوجب أن يرجع بالمهر على من غره، والمعنى أنه مال وجب بسبب نكاح فيه تدليس، فوجب أن يلزم الغار بالمنكوحة.

  فإن قيل: لا يجوز للزوج أن يستحقه على الغار؛ لأنه قد استوفى ما في مقابلته، وهو الاستمتاع.

  قيل له: قد بينا أن الذي استحقه هو استدامة الاستمتاع على الصحة، وذلك مما لم يسلم له، فلا يصح قولكم: إنه قد استوفى ما هو في مقابلة المهر. على أن المغرور قد حصل له الأولاد، ولم يمنع ذلك من الرجوع بقيمتهم على الغار.

  فإن قيل: متى جعلنا للزوج الرجوع بالمهر على الولي حصل له⁣(⁣١) الوطء من غير مهر.

  قيل له: لا يلزم ذلك؛ لأنه قد استحقته على الزوج، والزوج إنما استحقه على الولي بوجه آخر، ألا ترى أنها لو أبرأته من المهر بعد استحقاقها إياه جاز ذلك، ولم يجب أن يقال: إن الوطء حصل بلا مهر؟ وكذلك من زوج أمته عبده يجب مهرها ثم يسقط، ولا يجب أن نقول: إن الوطء حصل بلا مهر، فبان سقوط هذا الاعتبار.


(١) «له» ساقط من (د).