باب القول في نكاح المماليك
  له، ألا ترى أن نزول الآية فيمن كان على الصفة التي ذكرتم لا يمنع أن يدخل فيها سائر الأحرار وإن لم يكن في حجورهم شيء من أموال اليتامى أو أحد من اليتامى؟ فكذلك العبيد لا يمتنع دخولهم فيها.
  ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ وَالصَّٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْۖ}[النور: ٣٢] فأباح لنا إنكاحهن، فلنا أن ننكحهم - أعني الأحرار والعبيد - حتى يمنع الدليل منه، وذلك بعد الأربع.
  ومما يدل على ذلك أن العبد ممن أجيز له النكاح، فوجب أن يجوز له الجمع بين أربع؛ دليله الحر. وأيضاً وجدنا سائر الملاذ من المطاعم والمشارب وغيرهما قد سوي في إباحتها(١) بين الحر والعبد، فوجب أن يسوى بينهما في إباحة النكاح، والعلة أنه من جملة الملاذ.
  فإن قيل: هذا ينتقض؛ لأن الحر يطأ بملك اليمين، وليس ذلك للعبد.
  قيل له: هذا ليس(٢) ينتقض(٣)؛ لأن العبد لا يملك، فهو في حكم من ليس له ملك من الأحرار، فالتفرقة(٤) لم تقع في معنى الوطء، وإنما وقعت في معنى الملك.
  ويؤيد ما ذهبنا إليه: أن أحكام العبيد مثل أحكام الأحرار في أصول النكاح وغيره، بل في سائر التكاليف، فوجب أن تكون أحكامهم مثل أحكام الأحرار، وهذا أولى من رد ذلك إلى الحدود والقصاص؛ لأن أحكام النكاح بأحكام النكاح أشبه. على أن تنصيف أحكامهم لم يوجد في معنى من المعاني إلا في بعض الحدود، فكان ذلك كالمخصوص من جملة الأصول، فوجب أن يكون القياس
(١) في (د): إباحتهما.
(٢) في (د): لا.
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) في (ج): فالفرقة.