شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 203 - الجزء 3

  على غيرها أولى؛ ألا ترى أن سائر الأحكام إما ألا يصح منهم وإما أن تستوي أحوالهم وأحوال الأحرار، كالاقتصاص منهم، وحد السرقة، ومقدار ما يقطع فيه، وكسائر ما كلفوا من الصلاة والصيام والحج، وافتقار نكاحهم إلى الولي والشاهدين والمهر، وغير ذلك، أو مما لا تصح منهم بتة، كالتمليك، والإقرار بما في أيديهم، والنكاح بغير إذن الولي، والولاية في النكاح، والإمامة العامة، فلما كانت الأصول على ما وصفناه وجب أن يكون حكمهم في عدد النكاح مثل حكم الأحرار.

  وأيضاً لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن الإماء يجوز الجمع بين أربع منهن في النكاح كالحرائر⁣(⁣١)، فوجب أن يكون⁣(⁣٢) للعبد الجمع بين أربع كالأحرار، والعلة أنه العدد المعتبر في النكاح، فوجب أن يستوي مع الرق والحرية.

  على أن أبا حنيفة يجوز للعبد أن يطلق ثلاثاً إذا كان تحته حرة، فوجب أن يجوز له أن ينكح أربعاً، والعلة أنه يطلق ثلاثاً؛ دليله الحر.

  وقلنا: إنه يطلق ثلاثاً سواء كانت تحته حرة أو أمة لقوله تعالى: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ ...} الآية [البقرة: ٢٢٩] فدل سبحانه بذلك على أن الطلاق ثلاث تطليقات، ولم يخص أن يكون الموقع لها حراً أو عبداً، فوجب بعمومه أن يكون طلاق العبد ثلاثاً كطلاق الحر.

  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني |، قال: أخبرنا الحسين بن علي بن عبدالحميد القطان، قال: حدثنا الحسين بن علي بن محمد الطنافسي، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، قال: حدثنا أبو ثور وهشام - يعني ابن يوسف الصنعاني -، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمر⁣(⁣٣) بن مغيث،


(١) في (أ، ج): كالحر.

(٢) في (د): يجوز.

(٣) في (أ، ج): عمرو. وهو غلط.