كتاب النكاح
  هذا الحد كانت شهادة الحرية أولى.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال لها بعد عتقها: «إن شئت تمكثين مع هذا العبد»(١) فسماه عبداً بعد عتق بريرة.
  قيل له: يحتمل أن يكون النبي ÷ سماه عبداً بعد الحرية على معنى أنه كان عبداً، كما قال ÷ لبلال حين أذن قبل طلوع الفجر: «عد فناد: إن العبد نام» وكان بلال حراً في ذلك الوقت.
  وكما روي عن علي # أنه قال لشريح: (ما تقول أيها العبد الأبطر؟)(٢) وشريح كان حراً، وإنما كان الرق جرى عليه في الجاهلية، فسماه بذلك.
  وعلى هذا يتأول قول الله تعالى: {وَءَاتُواْ اُ۬لْيَتَٰمَيٰ أَمْوَٰلَهُمْۖ}[النساء: ٢] وقوله ÷: «اليتيمة تستأمر».
  على أنه لو لم يثبت أنه كان حراً وثبت أنه كان عبداً لم يكن له فيه حجة؛ لأن قضاء النبي ÷ في شخص قضاء في الجميع، ولا يجب(٣) أن يميز فيه حر من عبد أو عبد من حر، بل لا ينفصل المعنى فيه من(٤) أن يكون حراً أو عبداً في وجوب كون ذلك قضاء في الأحرار والعبيد إلا أن تمنع الدلالة من ذلك، فبان أن الأمر لو كان على ما ذكروا لكان يجب أن يثبت الخيار لكل معتقة تحت زوج، حراً كان الزوج أو عبداً.
  ويكشف ذلك ما روي أن رسول الله ÷ سها فسجد، فثبت حكماً في كل من سها في الصلاة حراً كان أو عبداً، وما روي أن ماعزاً زنى فرجم يجب أن يكون حكماً شاملاً للجميع، ولولا الدلالة كان يجب أن يستوي فيه حكم الحر والعبد.
(١) أخرجه أحمد في المسند (٤٢/ ٢٩٥) والدارقطني في السنن (٤/ ٤٤١).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٩٣) بلفظ: (ادعو لي العبد الأبطر).
(٣) في (د): ولا يجوز.
(٤) كذا في المخطوطات، ولعلها: بين.