شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 253 - الجزء 3

  فاحتمل [ذلك]⁣(⁣١) أن يكون رجوعه إليه ليعلم هل القافة بعد على باطلهم أو تركوه؟ وقد روي في بعض الأخبار أنه ضربه حتى أضجعه⁣(⁣٢)، وروي في بعض الأخبار أنه قال⁣(⁣٣): لا أدري ما أقضي فيه، حتى حكم فيه علي # بإلحاقه بالمدعيين له على ما أثبتناه بإسناده، فلما حصل فيما روي عنه هذه الاختلافات لم يصح لهم التعلق به، فإما⁣(⁣٤) أن يحمل على موافقة قول علي #، وإما أن يسقط فينفرد قول علي #، وروي نحوه عن شريح.

  فإن قيل: قد ثبت أن العرب كانت تحكم بالقافة كما كانت تجعل الظهار والإيلاء طلاقاً حتى نسخ الله ذلك على لسان نبيه ÷، فلو كان حكم القافة منسوخاً لبين الله تعالى نسخه، فإذا لم يثبت ذلك فهو باق على ما كان عليه.

  قيل له: الحكم الذي من شأنه أن يثبت بالشرع متى لم يرد به شرع كان باطلاً وإن لم يرد شرع ببطلانه ونسخه، وإنما يفتقر إلى ورود النسخ فيه إذا كان مما قد ثبت وروده شرعاً، فأما إذا لم يثبت ورود شرع فيه أصلاً فهو كاف في بيان فساده، فإن ورد شرع في بيان فساده كان ذلك مؤكداً لفساده ولم يكن نسخاً، فإذا ثبتت هذه الجملة فرجوع العرب إلى حكم القافة لا يوجب صحته، فكيف يحوج إلى نسخه؟ وهذا سؤال من لا يعرف طريقة النسخ وأحكامه، وقد نبه الله تعالى على ما ذكرناه بقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ اَ۬لْجَٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَۖ ...} الآية، فذم ابتغاء حكم الجاهلية.

  ومما يؤكد ذلك أن النبي ÷ لم ينتظر بهلال بن أمية وزوجته حتى تلد،


(١) ما بين المعقوفين من (أ).

(٢) في (أ، ج): أوجعه.

(٣) في (أ، ج): وروي أنه قال في بعض الأخبار لا أدري ... إلخ.

(*) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٦٢).

(٤) في (أ، ج): وإما.