شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 163 - الجزء 1

  ولو روينا الخبر المتصل بنا عن رسول الله ÷ من جميع الجهات على ألسن الرواة الذين اتسق سندهم إلينا، ولم يضطرب عندنا ولدينا، ومن اضطرب سنده، أو شذ عن الجماعة، أو خالف بعضاً ووافق بعضاً، ومن طُعِن في سنده، ومن وضع الأخبار على ألسن الرواة، ومن دَلَّس في كتبهم عليهم من الملحدة وغيرهم، ومن انقطع سنده، ومن رفع الحديث إلى رسول الله ÷ أو إلى إمام من أئمة المسلمين، ومن قلّد الرواة، وكذا في تقسيم الأخبار لخرجنا عن طريقة ما أردناه، ولتوخينا فيه غير ما نويناه، لكن غرضنا الاختصار في الكتاب، وقلة التطويل والإسهاب.

  ولعل قائلاً من أصحابنا يقول: وما الغرض في نقل الأخبار عن المخالفين؟ ولو علم من ذلك ما علمناه لسُرَّ في مجالس النظر بما حصلناه ونقلناه⁣(⁣١)، لكنه رضي لنفسه بالجهل، فعدل عن سبيل أهل الفضل، فاقتصر على طرفٍ من الفقه أخذه عن مثله، وظن أنَّه على شيء بجهله، يخطّئ مخالفيه، ويصوّب موالفيه، ولا يدري أخطَّأَهم في أصل أو فرعٍ، أو فيما يوجب التكفير أو القدح⁣(⁣٢)، أو الخروج عن الملة والشذوذ عن الجملة⁣(⁣٣)، إن خاض في الفقه ارتطم، وإن طلب منه دليل


= الأئمة الهادي إلى الحق في الأوقات من المنتخب، والإمام الناصر للحق في البساط، والإمام أبو طالب في شرح البالغ المدرك، وقد نقلتُ كلامه بلفظه في التحف الفاطمية؛ وهذا كلام المؤيد بالله #، مع أن مذهبه في العدالة ألين من مذهب الأئمة المتقدمين $، فلا معنى لكلام بعض من لم يمارس علومهم إلا مشارفةً: أن روايتهم عنهم لأجل القبول.

(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار: والذي يشير إليه # هو ما سبق من قطع العذر على المخالف، حتى لا يبقى له مجال إلى الجدال والإنكار؛ ولقد جهل كثير من الأتباع الفائدة في ذلك، فاستنكر الرواية عن المخالفين غاية الاستنكار. قال أمير المؤمنين ~: (المرء عدوّ ما جهله).

(٢) في لوامع الأنوار: «والقدح والخروج عن الملة».

(٣) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار تعليقاً على هذا الكلام: قلت: وموضع التقريع منه # لمن هو كذلك لخوضه فيما لا يعلم، لا لأصل التخطئة والتصويب، ألا ترى كيف وصفه بكونه لا يعلم ما خطؤهم فيه وما يوجب ذلك الخطأ؟ فهو محط التوبيخ، وهذا واضح لمن أبصر.