شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 278 - الجزء 3

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ}⁣[الطلاق: ٢] فأمر بالإشهاد.

  قيل له: لسنا نخالف أنه مأمور بالإشهاد، وإنما الخلاف في أنه شرط فيهما أو في أحدهما.

  ويدل على أنه ليس بشرط في الرجعة قول الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِے ذَٰلِكَ}⁣[البقرة: ٢٢٨] من غير اشتراط الإشهاد.

  وما تعلق به الفريقان من قوله سبحانه: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ} لا يصح تعلق واحد منهما؛ لأنه وارد بعد ذكر الطلاق والرجعة، وليس تعلقه بأحدهما أولى من تعلقه بالآخر، ولا خلاف أنه غير متعلق بهما على الوجه الذي ذهبوا إليه، فبطل تعلقهم به، وصح أن المراد به الندب، فصح تعلقه على وجه الندب بالطلاق والرجعة جميعاً.

  ومما يدل على صحة ما نذهب إليه من ذلك: قول النبي ÷ لعمر حين سأل عن طلاق ابنه في الحيض: «مره فليراجعها حتى تطهر، ثم يطلقها» ولم يشترط في واحد منهما الإشهاد، فدل ذلك على أن الإشهاد ليس بشرط فيهما.

  ولا خلاف أن الإشهاد ليس بشرط في العتق، فوجب أن يكون كذلك الطلاق⁣(⁣١)، والعلة أنه إزالة ملك. والرجعة⁣(⁣٢) حكم لا يفتقر إلى الولي، فوجب ألا يكون الإشهاد شرطاً فيه؛ دليله سائر العقود من البيع والإجارة وغيرهما. أو يقال: إن الرجعة هي استباحة البضع⁣(⁣٣) من غير أن يكون عقد النكاح⁣(⁣٤)، فوجب ألا تفتقر إلى الإشهاد؛ دليله شراء الأمة. ثم الأصول كلها تشهد لقياسنا؛


(١) في (د): الطلاق كذلك.

(٢) في (أ): وفي الرجعة.

(٣) في (أ): الوطء.

(٤) لفظ تعليق ابن أبي الفوارس: أو استباحة بضع من غير عقد نكاح جديد.