شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 165 - الجزء 1

  وقد احتج المخالف على سقوط خبر الواحد بقول رسول الله ÷: «الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد».

  وقالوا: لما يخشى من الوهم على هذا الواحد.

  وعندنا لا يحل لأحدٍ أن يروي الحديث عن رسول الله ÷ إلَّا إذا سمعه من فم المحدّث العدل فحفظه، ثم يحدث كما سمعه⁣(⁣١)، فإن كان إماماً تلقاه بالقبول⁣(⁣٢)، وإن كان غير إمامٍ فكذلك⁣(⁣٣) إن رواه غير مرسل، وصح سنده، فإن المراسيل عندنا وعند عامة الفقهاء لا تُقبل⁣(⁣٤).

  ولقد أدركت أقواماً ممن لا يُتهم يروون عن رسول الله ÷ ولا يحفظون السند، ويرسلون الحديث - فما قَبِلتُ أخبارهم، ولا نقلتها عنهم؛ لقلة حفظهم للأسانيد.


(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # تعليقاً على هذا الكلام في كتابه لوامع الأنوار ما لفظه: قلت: وليس معنى كلامه # إلا ثبوته عن العدل بطريق الصحة، لا قصر الرواية على السماع، ولكن المراد طريق الصحة من السماع أو ما شاركها في ذلك، لكنه اقتصر على ذكر أعلاها، ألا ترى أنها تحل الرواية - عند الإمام وغيره قطعاً - للمتواتر وإن لم يتحقق سماعه من شخص معين، وهو يجب العدول عن الظاهر إذا قام على خلافه الدليل المعلوم، ثم ليس فيه ما يوجب بطلان الخطبة الثابتة بطرق الصحة؛ غايته أن هذا مذهب الإمام #، لكنه ليس بمراد، وإنما هو مبالغة في الاحتياط في الرواية عند ذوي العرفان بمخارج الكلام.

(٢) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار: قلت: يعني # أنه إن كان المسموع عنه إماماً تلقاه السامع بالقبول من دون بحث ولا مطالبة له بالسند؛ إذ العهدة عليه مع إرساله، وهو بالمحل الرفيع لإمامته من الانتقاد والتحري. وهذا يفيد أن الإمام # يجيز قبول المراسيل، لكن من الأئمة الموثوق عليهم في التصحيح.

(٣) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار في معنى قوله: «كذلك» قلت: أي: سمعه من فم المحدث العدل فحفظه.

(٤) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في لوامع الأنوار: قلت: أراد # مراسيل غير الأئمة، بدليل ما تقدم له من التصريح، بقوله: تلقاه بالقبول، وبدليل أنه # كثيراً ما يرسل في شرحه هذا، وأيضاً سيأتي التصريح له # قريباً بقبول المراسيل، فوجه الجمع ما ذكرناه، وهو واضح لا غبار عليه، لمن لم يعم التعصب قلبه.