باب القول في صفة الطلاق وتنوعه
  الطلاق، كما بينا أن طهور النافلة يجب أن يكون نفلاً غير واجب.
  يؤكد ذلك: أن الرجعة حق للزوج فلا يجب استيفاؤه؛ دليله سائر الحقوق.
مسألة: [في قول الرجل لزوجته: أنت طالق إلى شهر أو إلى سنة]
  قال: ولو أن رجلاً قال لأهله أنت طالق إلى شهر، أو إلى سنة، أو أقل، أو أكثر، وقع الطلاق عند انتهاء المدة المضروبة.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١)، وبه قال أبو حنيفة(٢) والشافعي، وقال مالك: يقع في الحال.
  والأصل فيه: أن النكاح ثابت، فلا(٣) ينتفي إلا بدليل، ولا سبيل لهم إلى أن يقولوا: إنه لفظ بالطلاق(٤) فوجب أن(٥) يقع؛ لأن الملفوظ به قد لا يقع حكمه عنده(٦) وعندنا على وجوه كثيرة، كطلاق المكره، والمعتوه، وليس له أيضاً أن يقول: إنه لفظ له حكم فيجب أن يقع في الحال؛ لأنه تلفظ بالطلاق المعلق على الشرط فلا يقع.
  والذي يدل على ذلك: أنه لا خلاف أنه إذا قال: «أنت طالق إذا قدم زيد» أنها لا تطلق قبل قدوم زيد، فكذلك إذا قال: «أنت طالق إلى شهر» والعلة أنه طلاق علق على شرط فوجب ألا يقع إلا مع حصول ما علق به.
  فإن قيل: هذا يؤدي إلى أن يتعلق النكاح بزمان مخصوص، وذلك فاسد؛ بدلالة أن من تزوج امرأة إلى شهر لم يجز نكاحه.
(١) الأحكام (١/ ٤١٨) والمنتخب (٢٧٢).
(٢) في تعليق ابن أبي الفوارس: وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد، وهو قول أبي حنيفة المشهور، وروي عنه أنها تطلق في الحال، وهو قول زفر ومالك.
(٣) في (أ): ولا.
(٤) في (أ): الطلاق.
(٥) في (أ): ألا.
(٦) في المخطوطات: عندهما. وظنن في (د) بـ: عنده.