شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 307 - الجزء 3

  قيل له: لم يفسد النكاح الذي ذكرت لتعلقه بالزمان، ألا ترى أنه إذا علق الطلاق بقدوم زيد يتعلق⁣(⁣١) النكاح بالزمان الذي بينه وبين قدوم زيد، وإنما فسد النكاح إذا تزوج بها إلى شهر لأنه استثنى بعض ما أوجبه اللفظ؛ لأن لفظ النكاح اقتضى الاستدامة، فصار الشرط كالاستثناء، فجرى ذلك مجرى الناقض للعقد. على أن الطلاق إذا صح تعليقه على الشرط فارق حاله حال النكاح الذي لا يصح ذلك فيه. على أن قياسهم لو صح لوجب أن يبطلوا الطلاق أصلاً كما أبطلنا نحن وهم النكاح في الأصل الذي اعتمدوه.

  فإن قيل: بين ما اعتمدتموه وذكرتموه من تعليق الطلاق بالصفة والشرط وبين ما اختلفنا فيه فرق؛ لأن ما جعلتموه أصلاً قد يحصل ولا يحصل لا محالة.

  قيل له: اختلافهما بما ذكرتم لا يمنع من القياس، فلا وجه لتعلقكم به، على أنه لا فرق بين تعليق النكاح بين أمر قد يقع ولا يقع وبين تعليقه بأمر واقع لا محالة، فوجب ألا يكون فرق بين تعليق الطلاق بهما؛ لأن كل واحد منهما حكم يختص البضع.

  فإن قيل: المكاتبة لما كانت تعليق زوال الملك بزمان وجب أن يحرم الوطء حين العقد، فكذلك الطلاق المعلق بزمان، وإذا ثبت تحريم الوطء فلا قول بعده إلا القول بوقوع الطلاق.

  قيل له: لا فرق بينكم وبين من قلب ذلك عليكم فقال: لما كان الملك بالمكاتبة لا يزول إلا بحصول ما علق به من الشرط وجب مثل ذلك في الطلاق، فإذا ثبت ذلك فلا قول بعده إلا قول من قال بإباحة الوطء إلى حين الوقت المعلق به.

  على أن ما استدلوا به من ذلك ينتقض عليهم؛ لأن الكتابة إذا علق⁣(⁣٢) زوال الملك بها بما يجوز أن يحصل ويجوز ألا يحصل، وعندهم أن الطلاق متى علق


(١) في (أ): تعلق.

(٢) جواب الشرط محذوف. (من هامش نسخة).