باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع
  قيل له: نحن عللنا لانبرام(١) الطلاق، ولا خلاف أن بيع المكره لا ينبرم، فوضح سقوط ما سألوا عنه. على أنا لو جعلنا الكلام في الشراء لم يصح لهم(٢) هذا السؤال بتة؛ لأنهم لا يجوزون الشراء الموقوف.
  ويقوي ما ذكرنا قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِے اِ۬لدِّينِۖ}[البقرة: ٢٥٦].
  فأما ما ذكرناه من أن طلاق الصبي والمجنون وزائل العقل لأي علة كانت لا يقع فمما لا خلاف فيه، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه والمغلوب(٣) على عقله»(٤) فنبه ÷ على ما ذكرناه.
مسألة: [في عدم وقوع الطلاق قبل النكاح]
  قال: ولا يقع الطلاق قبل النكاح.
  وهو منصوص عليه في الأحكام(٥)، وإليه ذهب القاسم # والناصر، وهو المروي عن جعفر بن محمد وزيد بن علي $، وبه قال الشافعي. قال أبو حنيفة: قد ينعقد قبل النكاح.
  والأصل فيه: ما أخبرنا به أبو سعيد الأبهري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بشر، قال: حدثنا بحر(٦) بن نصر، قال: حدثنا ابن وهب، عن ابن أبي حزام بن عثمان، عن النبي ÷ قال: «لا طلاق قبل النكاح، ولا عتق قبل الملك، ولا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد احتلام».
  وروي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # قال: قال النبي
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) «لهم» ساقط من (أ).
(٣) قيل: كأنه عطف تفسيري، ويؤيده رواية «المغلوب» بلا واو.
(٤) أخرجه الترمذي (٢/ ٤٨٨) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٧٢) عن علي # موقوفاً.
(٥) الأحكام (١/ ٣٨١).
(٦) في المخطوطات: يحيى. وهو تصحيف كما تقدم.