شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 382 - الجزء 3

  بعرق آخر، قال: «أحسنت، اذهبي فأطعمي عنه ستين مسكيناً، وارجعي إلى ابن عمك».

  وروى أبو داود في السنن وغيره حديث سلمة بن صخر قال: كنت امرأً أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئاً [يتابع بي حتى أصبح]⁣(⁣١) فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء، فلم ألبث حتى نزوت عليها، فلما أصبحت انطلقت إلى النبي ÷ فأخبرته، فقلت له: أنا صابر لأمر الله، فاحكم في بما أراك⁣(⁣٢) الله تعالى، قال: «حرر رقبة» قلت: والذي بعثك بالحق نبياً ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي! قال: «فصم شهرين متتابعين» فقلت: فهل أصبت إلا من الصيام، قال: «فأطعم وسقاً من تمر ستين مسكيناً» قلت: والذي بعثك بالحق نبياً لقد بتنا وما لنا طعام، قال: «فانطلق إلى صاحب الصدقة فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكيناً» وفي بعض الحديث: «وكل أنت وعيالك بقيته»⁣(⁣٣).

  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ في كفارة الظهار مثل ذلك⁣(⁣٤).

  واختلفوا في الإطعام هل يجوز أن يصرف إلى أهل الذمة؟ فأجازه أبو حنيفة، ومنعه الشافعي، وهذا قول الهادي #، ووجه ذلك ما أجمعوا عليه من أن الزكاة لا يجوز وضعها في أهل الذمة، فكذلك الكفارات، والعلة أنها صدقة مفروضة، وكل صدقة مفروضة لا يجوز صرفها إلا في أهل الإسلام، وهو أولى؛ لأن فيه الاحتياط للمؤدي وللفقراء المسلمين.


(١) ما بين المعقوفين من سنن أبي داود.

(٢) في المخطوطات: أراد.

(٣) سنن أبي داود (٢/ ١٣١).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٥).