شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 426 - الجزء 3

  قيل له: لأن وقوع الفرقة يقتضي تحريم البضع، وقوله هذا يتضمن⁣(⁣١) إباحة البضع، ولا يجوز أن يسمع النبي ÷ من يستبيح فرجاً محرماً فلا ينكر عليه⁣(⁣٢).

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف بيننا وبين الشافعي أن الإيلاء لا يوجب وقو ع الفرقة، فكذلك اللعان، والعلة أن كل واحد منهما يمين. وأيضاً وجدنا اللعان تحالفاً بين المتلاعنين، فوجب ألا يقع الفسخ بنفسه؛ دليله تحالف المتبايعين. والأصول تشهد لنا؛ لأن اللعان إما أن يكون يميناً أو يكون شهادة، وقد علمنا أن الأحكام المتعلقة بالأيمان والشهادات من فسخ أو إثبات أو غيرهما لا تحصل بنفس اليمين ولا بنفس الشهادة، وإنما تحصل بالحكم عند اليمين أو الشهادة، فوجب أن يكون حكم التفريق الذي يتعلق باللعان [كذلك].

  على أن الفرقة تقع عند الشافعي بلعان الزوج قبل لعان المرأة، ولعانه إنما هو تحقيق ما رماها به، وقد علمنا أنه لو حقق ذلك بالشهادة لم تقع الفرقة، فكذلك إذا حققه بالأيمان. على أن الفرقة لو وقعت بلعان الرجل لم يكن للعان المرأة معنى؛ لأنها تكون قد صارت أجنبية.

  وأما زفر فإنه يذهب إلى أن الفرقة تقع بفراغ المرأة من اللعان بعد لعان الزوج، فيقال له: إذا لم تقع الفرقة بلعان الزوج لم يجب أن تقع بلعان المرأة؛ لأن كل واحد منهما لعان؛ ولأن كل واحد منهما حقق ما ادعاه وأكذب صاحبه، فلم يجب أن تقع الفرقة، يؤكد ذلك سائر الأصول التي ذكرناها.

  فأما انتفاء الولد فالأصل فيه: ما رواه أبو داود في السنن بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس في لعان هلال بن أمية وامرأته أن رسول الله ÷ فرق بينهما،


(١) في (د): يقتضي. وفيه: «يتضمن» نسخة.

(٢) «عليه» ساقط من (أ).