شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 431 - الجزء 3

  أنه لو قال: «هي لي ذات رحم محرم» أو قال: «هي محرمة عليَّ للرضاع» ثم أكذب نفسه لم يرتفع التحريم، وكذلك لو قال: «طلقتها ثلاثاً» ثم أكذب نفسه لم يرتفع التحريم، فوجب أن يكون كذلك حكم تحريم اللعان.

  على أن الإكذاب إذا لم يرفع التحريم الحاصل في الحال لم يرفع التحريم المؤبد. على أنه إذا ثبت أن الفرقة الواقعة باللعان فسخ فلا قول بعده إلا القول بأن تحريمها مؤبد.

  فإن قيل: فإن اللعان يرتفع حكماً، فوجب أن يرتفع التحريم المعلق⁣(⁣١) به.

  قيل له: لو كان ذلك كذلك لارتفع تحريم الحال ولعادا زوجين.

  ووجه رواية المنتخب: أن الزوج إذا أكذب نفسه ارتفع حكم اللعان؛ بدلالة أنه يحد، والولد إن كان نفي فإنه يلحق به، فإذا ثبت ذلك وجب أن يرتفع التحريم المختص به وإن لم يرتفع تحريم الحال، كما أن المطلقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً غير الأول ارتفع التحريم المختص به وإن لم يرتفع تحريم الحال.

  ويمكن أن يقاس على التحريم الذي يقتضيه الطلاق في أنه لا يجب أن يتأبد؛ بعلة أنه تحريم لا يرد إلا على النكاح. ويمكن أن يقال: إنه تحريم لا يتعلق بحرمة نسب ولا رضاع ولا نكاح فلم يجب أن يتأبد؛ دليله تحريم الطلاق أو تحريم اختلاف الدينين.

  فإذا ثبت ذلك فما روي عن النبي ÷ وعن أمير المؤمنين # من أنهما لا يجتمعان أبداً محمول على أنهما لا يجتمعان ما دام حكم اللعان باقياً، وكذلك ما روي من قوله ÷: «لا سبيل لك عليها» محمول على أنه لا سبيل لك عليها ما دامت على حكم اللعان، ويؤيد ذلك بالظواهر المتضمنة لإباحة النكاح⁣(⁣٢).


(١) في (ج، د): المتعلق.

(٢) كقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}⁣[النساء: ٣]، وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ}⁣[النساء: ٢٤].