كتاب البيوع
  فإن قيل: إن ما ينقل لا يجوز بيعه قبل القبض؛ لأنه لا يؤمن فيه فساد العقد بتلف المبيع، وهذا غير موجود(١) في العقار.
  قيل له: هذه العلة لا تنافي علتنا، فلا ضرر علينا منها، على أنه لا يمتنع أن نقول: إنه يجوز أن ينتقض بيع العقار بانهدام البناء القائم، وذكر أبو عبدالله البصري في شرح مختصر الكرخي أن البيع فيه ينتقض على قول محمد، وحكي عن أبي الحسن الكرخي: أنه لا نص فيه عن أبي حنيفة، فلا نسلم لهم الوصف.
  وليس لهم أن يقولوا: إنه يجب ألا يفسد البيع بانهدام العلو؛ لجواز الانتفاع بالقرار؛ ألا ترى أنه لا خلاف في أن الشاة لو ماتت قبل القبض لانتقض(٢) البيع فيها وإن كان الانتفاع بصوفها جائزاً عندنا وعندهم، وكان الانتفاع بجلدها أيضاً جائزاً عندهم؟ فما(٣) كان معظم الانتفاع أو ما هو جار مجرى المعظم قد بطل.
  فإن قاسوه على المهر أو جُعْل الخلع أو الصلح(٤) عن دم العمد بعلة أنه يؤمن فساد عقده بتلفه - فهو غير مسلم في الفرع على ما بيناه، على أنا لسنا نحفظ عن أصحابنا إجازة بيع المهر أو جعل الخلع أو الصلح عن دم العمد قبل القبض، والأقرب على أصولهم: أنه لا يجوز، فصار الحكم في الأصل غير مسلم، فلا يصح اعتمادهم عليه.
  فأما ما كان يذهب إليه مالك من أن ذلك خاص في الطعام فلا معنى له؛ لأن ما اعتمدناه من الخبر عام في الجميع، فلا وجه لتخصيص الطعام.
  فإن قيل: فقد روي أنه ÷ نهى عن بيع الطعام قبل القبض(٥)، والخاص أولى.
(١) في (هـ): وهذا لا يوجد.
(٢) في (أ): لا ينتقض.
(٣) كذا في المخطوطات، ولعلها: لما.
(٤) في (أ): والصلح.
(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٦٨) ومسلم (٣/ ١١٦٠) عن ابن عباس، وقال: وأحسب كل شيء مثله.