كتاب البيوع
  فإن قيل: هذا [يعترض] عليكم من وجهين:
  أحدهما: أن فيه ما يدل على أنهما لم يحفظا فيه النص عن النبي ÷.
  والثاني: أن علياً # ذكر رجوعه عنه، وعندكم أنه لا يجوز أن يخالف.
  قيل له: أما الأول فلا معترض به؛ لأنه لا يجب في كل حال أن يكونا قد عرفا جميع النصوص الواردة عن النبي ÷، ويجوز أن يكونا قد عرفا النص فاشتبه عليهما المراد، فأجمع الرأي منهما ومن المسلمين على مراده ÷ بالخبر، فانتهوا إليه.
  وأما الثاني: فلا معنى له؛ لأن علياً # لا يجوز أن يخالف إجماع المسلمين، فيجوز أن يكون لكلامه # تأويل، وهو أحد الوجهين:
  إما أن يكون مراده أني رأيت أن أبين بقاء رقهن؛ لئلا يظن الناس أن المراد بقوله: (إنهن عتقن) العتق البتات؛ فيكون كلامه # كالتفسير لما أجمعوا عليه من قبل.
  فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار (ثم رأيت أن أبيعهن).
  قيل له: يجوز أن يكون هذا لفظ الراوي الذي سمع قوله: (أرقهن) فتأول فيه حقيقة الاسترقاق، فعبر عنه بحكمه، وهو جواز البيع؛ لأن أكثر من روى هذا الحديث روى بلفظ الإرقاق دون لفظ البيع [هذا أولاً].
  والثاني: أنه يجوز أن يكون ذكر ما عرض له من الرأي، ولم يقل: إنه أخذ به، ومن الجائز أن يكون الرأي يعترض له ثم يمنعه عن الأخذ به ما سلف من الإجماع، وهذا نحو ما روي عنه # أنه قال: (لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره)، فبان أن الرأي يقتضي [ذلك](١) وإن كان هناك ما يمنع منه.
(١) ما بين المعقوفين من (هـ).