شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب البيوع

صفحة 17 - الجزء 4

  فإن قيل: ما روي عن عبيدة السلماني من قوله: فقلت له - يعني علياً # -: رأيك في الجماعة أحب إلي من رأيك في الفرقة، يعترض هذا التأويل.

  قيل له: قد ذكر جماعة من العلماء أن هذا اللفظ مما لا يصح، وأن عبيدة لم يكن له من الوزن ما يجسره⁣(⁣١) على أن يشافه أمير المؤمنين # بذلك وينسبه إلى خرق الإجماع، وأنه يجوز أن يكون قال ذلك في نفسه حين خفي عليه معنى قول أمير المؤمنين.

  على أنه إن ثبت فلا معترض به على الوجه الثاني من التأويل، وذلك أن معنى قوله موافق لتأويلنا؛ لأنهما جميعاً يفيدان أن هذا الرأي لا يجوز الأخذ به؛ لمنع الإجماع منه، وقد بينا أن علياً # لم يقل: إني أخذت بهذا الرأي وعملت به.

  فإن قيل: فإن زيد بن علي روى عن أبيه عن جده عن علي $ ما لا يحتمل هذا التأويل، وهو قوله: وكان يقول: (إذا مات سيدها وله منها ولد فهي حرة من نصيبه؛ لأن الولد قد ملك منها شقصاً، وإن كانت لا ولد لها بيعت)⁣(⁣٢).

  قيل له: هذا رواه أبو خالد عن زيد بن علي @ يرفعه إلى علي ~: أنه كان يجيز بيع أمهات الأولاد، ولا يمتنع أن يكون قول زيد بن علي # أدرجه في الخبر، وأن يكون أبو خالد هو القائل: وكان يقول كذا، والمراد به زيد دون أمير المؤمنين @.

  ويحتمل أيضاً أن يكون المراد به إذا كان الاستيلاد وقع في غير الملك، ويكون الملك تجدد بعد الولادة، وهذه لا تكون أم ولد حكماً، وإن جاز أن تسمى من طريقٍ أم ولد، وحكمها عندنا هو ما تضمنه ظاهر هذا الحديث، فلا يكون قادحاً في مذهبنا.

  فإن قيل: فقد روى زيد بن علي عنه # ما هو أوضح من هذا، وهو أن


(١) في (أ): يجيزه.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٢).