كتاب البيوع
  رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي أمة ولدت مني أفأهبها لأخي؟ قال: (نعم) فوهبها لأخيه، فوطئها، فأولدها، فأتاه الآخر فقال: أهبها لأخ لي آخر؟ قال: (نعم) فوطئوها جميعاً(١).
  قيل له: أما الأخ الأول فيجوز أن يكون استيلاده لها كان قبل الملك، فوطئها، ثم ملكها قبل(٢) الولادة، وهذه عندنا يجوز بيعها وهبتها، فأجاز علي # أن يهبها لأخيه.
  وأما الأخ الثاني: فيجوز أن يكون أراد بالهبة النكاح(٣)، فإن النكاح يجوز أن يعبر عنه بالهبة؛ ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَامْرَأَةٗ مُّؤْمِنَةً إِنْ وَّهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٠]، والمراد به النكاح؟
  ولذلك(٤) قلنا: إن النكاح ينعقد بلفظ الهبة، فيكون وطء الثالث لها بالنكاح دون الملك.
  فإن قيل: ما الفصل بينكم وبين من تأول ما روي(٥) عن علي # أنه كان يقول: (لا تباع أم الولد) على أم الولد التي مات عنها سيدها وله منها ولد باق؟
  قيل له: تأويلنا أولى؛ لموافقة ما روي عن النبي ÷، ولما ذكر من حصول الإجماع، فكنا به أسعد.
  فإن قيل: فكيف تدعون الإجماع فيه وقد روي عن عمر أنه قال: أم الولد إذا أسلمت وأحصنت عتقت، وإن كفرت وفجرت وغدرت رقت(٦)؟
  قيل له: يحتمل أن يكون المراد به ارتدت ولحقت بدار الحرب.
(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٢، ١٩٣).
(٢) ظنن في (هـ) بـ: بعد.
(٣) بعد عتقها. (من هامش هـ).
(٤) في (أ، ب، ج، د): وكذلك.
(٥) في (هـ): رويتم.
(٦) روى نحوه عبدالرزاق في المصنف (٧/ ٢٩٤).