شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب البيوع

صفحة 18 - الجزء 4

  رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي أمة ولدت مني أفأهبها لأخي؟ قال: (نعم) فوهبها لأخيه، فوطئها، فأولدها، فأتاه الآخر فقال: أهبها لأخ لي آخر؟ قال: (نعم) فوطئوها جميعاً⁣(⁣١).

  قيل له: أما الأخ الأول فيجوز أن يكون استيلاده لها كان قبل الملك، فوطئها، ثم ملكها قبل⁣(⁣٢) الولادة، وهذه عندنا يجوز بيعها وهبتها، فأجاز علي # أن يهبها لأخيه.

  وأما الأخ الثاني: فيجوز أن يكون أراد بالهبة النكاح⁣(⁣٣)، فإن النكاح يجوز أن يعبر عنه بالهبة؛ ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَامْرَأَةٗ مُّؤْمِنَةً إِنْ وَّهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ}⁣[الأحزاب: ٥٠]، والمراد به النكاح؟

  ولذلك⁣(⁣٤) قلنا: إن النكاح ينعقد بلفظ الهبة، فيكون وطء الثالث لها بالنكاح دون الملك.

  فإن قيل: ما الفصل بينكم وبين من تأول ما روي⁣(⁣٥) عن علي # أنه كان يقول: (لا تباع أم الولد) على أم الولد التي مات عنها سيدها وله منها ولد باق؟

  قيل له: تأويلنا أولى؛ لموافقة ما روي عن النبي ÷، ولما ذكر من حصول الإجماع، فكنا به أسعد.

  فإن قيل: فكيف تدعون الإجماع فيه وقد روي عن عمر أنه قال: أم الولد إذا أسلمت وأحصنت عتقت، وإن كفرت وفجرت وغدرت رقت⁣(⁣٦)؟

  قيل له: يحتمل أن يكون المراد به ارتدت ولحقت بدار الحرب.


(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٢، ١٩٣).

(٢) ظنن في (هـ) بـ: بعد.

(٣) بعد عتقها. (من هامش هـ).

(٤) في (أ، ب، ج، د): وكذلك.

(٥) في (هـ): رويتم.

(٦) روى نحوه عبدالرزاق في المصنف (٧/ ٢٩٤).