كتاب البيوع
  وأيضاً وجدنا التدبير عتقاً من جهة(١) القول معلقاً على شرط منتظر، فوجب أن يكون لمالكه فسخه على حال دون حال؛ دليله الكتابة؛ ألا ترى أن له أن يفسخ الكتابة إذا عجز العبد أو استقال؟
  ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن من قال لعبده: «أنت حر إن مت من مرضي هذا» أن له أن يبيعه إذا اضطر إلى بيعه، فكذلك إن قال له: «أنت حر إن مت» فقط، والعلة أنه مدبِّر(٢) مضطر إلى بيع مدبره، وهذه العلة لها تأثير عندنا؛ لأنه لو لم يكن مضطراً لم يجز بيعه عندنا.
  يؤكد ذلك: أنا وجدنا حال المدبر أقوى في باب العتق من حال من أوصي بعتقه؛ لأنه يفتقر إلى إعتاق الوصي بعد الموت، وليس يفتقر المدبر إلى ذلك، ووجدنا حاله أضعف من حال أم الولد؛ لأن أم الولد تعتق من جملة المال، والمدبر يعتق من الثلث؛ ألا ترى أن الوصية لما كانت أضعف حالاً من الدين نفذت من الثلث، ونفذ الدين من جميع المال؟
  فلما ثبت ذلك وجب أن تكون حاله فاصلة بين حال الموصى بعتقه وحال أم الولد، فكانت أم الولد مما لا يجوز بيعها على وجه من الوجوه، والموصى بعتقه يجوز بيعه بكل حال، فوجب(٣) أن يكون المدبر يجوز بيعه على حال دون حال، وكان أولى الأحوال بالفصل في ذلك ما دلت الآثار(٤) عليه.
  وأيضاً وجدنا المدبر(٥) بعد موت صاحبه حاله(٦) متوسطة بحال أم الولد والموصى بعتقه؛ لأن أم الولد تعتق بكل حال عتقاً مطلقاً، والموصى بعتقه يمنع
(١) في (أ): جملة.
(٢) «مدبر» ساقط من (أ، ب، ج).
(٣) في (أ، ب، ج): ووجب.
(٤) في (ب): الأخبار.
(٥) في (د): للمدبر.
(٦) في (د): حالة.