باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
  محمد عن أبي حنيفة: أنه ليس للمستأجر نقض البيع، ولكنه إن أجاز البيع كان في ذلك إبطال ما بقي من الإجارة.
  قال أبو بكر الجصاص(١): لا وجه لما حكي عن أبي حنيفة أولاً، وذلك أن حق المستأجر يتعلق باستيفاء المنافع، وهو يمكنه استيفاؤها مع بقاء البيع.
  وقال(٢) أبو بكر: والصحيح ما رواه محمد عن أبي حنيفة. وهذا غير بعيد؛ لأنه إذا أجاز البيع فقد أجاز إتمامه وتنفيذه، وفي ذلك تسليم المبيع، وإذا رضي بتسليمه فقد رضي بإبطال حقه المتعلق به من استيفائه منافعه؛ وشبهه بمن باع عبداً فأبق قبل التسليم في أن المشتري إن شاء صبر حتى تنقضي المدة وإن شاء فسخ الشراء.
  والأصح عندي ما حكيناه؛ للفرق الذي بيناه.
مسألة: [في بيع عدل على أن فيه مائة ثوب فوجده المشتري كذلك أو زائداً أو ناقصاً]
  قال: ولو أن رجلاً باع عدلاً على أن فيه مائة ثوب أو أقل أو أكثر فوجده المشتري على ما اشتراه كان ذلك جائزاً، فإن وجده زائداً جاز أيضاً البيع ورد على البائع ما زاد من الثياب وسطاً، وإن وجده ناقصاً كان البيع منتقضاً.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(٣).
  أما إذا وجده على ما اشتراه فلا خلاف في جواز بيعه.
  وأما إذا وجده زائداً فعند أصحاب أبي حنيفة أن البيع يفسد، وحكي عن ابن سريج أنه إن زاد كان الخيار للبائع في تسليم جميعه بالثمن وفسخ البيع، وإن نقص كان الخيار للمشتري في أن يرضى به بجميع الثمن أو أن يفسخ البيع.
  ووجه ما قلناه من صحة البيع في الزيادة: أن الذين أفسدوه من أصحاب أبي
(١) شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٤٠٣).
(٢) في (ب، د، هـ): «قال» بدون واو.
(٣) المنتخب (٣٢٦).