كتاب البيوع
  واستثني خيار(١) لا يعلم أمده للإجماع، ولما فيه من الجهالة على ما مضى، وبقي الباقي على مقتضى الخبرين.
  ويدل عليه قوله ÷: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر»، ولم يشترط أن يكون الخيار في قليل المدة أو كثيرها، فكان دليله كدليل الخبرين الأولين.
  فإن قيل: اشتراط الخيار فيه غرر، والنبي ÷ نهى عن بيع الغرر، فوجب ألا يجوز من ذلك إلا مقدار ما ورد الأثر به وحصل عليه الإجماع، وهو خيار الثلاث، وبقي ما زاد عليه داخلاً في جملة النهي عن بيع الغرر.
  قيل له: الجواب عن هذا من وجهين:
  أحدهما: أن مثل هذا لو ثبت فيه ما قلتم لم يجب الامتناع من القياس عليه، فنحن نقيس ما زاد على الثلاث على ما ورد فيه وحصل عليه الإجماع، فنخرجه بالقياس من جملة النهي عن الغرر.
  والثاني: أن اشتراط الخيار إذا كان معلوم المدة فلا يجب أن يكون غرراً؛ لأنه أبعد من الغرر من خيار الرؤية الذي أجزناه وأجازه أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، ومن خيار الرد بالعيب الذي لا خلاف فيه بين المسلمين، فإذا لم يكن فيهما غرر فأولى ألا يكون في الخيار المعلوم المدة غرر؛ لأن هذين الخيارين لا يعلم أمدهما، وما لا يعلم أمده أدنى إلى الغرر مما يعلم أمده.
  وأيضاً البائع والمشتري دخلا في خيار الشرط على بصيرة، وعلى العلم بغاية مدة الخيار، فوجب أن يكون أبعد من الغرر من خيار الرد؛ لأنهما لزمهما ذلك من غير اختيارهما ومن غير بصيرة به؛ ولأنه لا علم بأنه يحصل أو لا يحصل، ولا علم بالمدة، وكذلك خيار الرؤية على ما بيناه، فبطل تعلقهم بما تعلقوا به.
(١) في (أ، ب، ج): واستثنى خياراً.