كتاب البيوع
  فحكى الطحاوي في شرح [معاني] الآثار(١) عن محمد بن شجاع أنه قال: إنها منسوخة بقول النبي ÷: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا».
  قال: فقطع الخيار بالتفرق، فيجب ألا يكون له خيار الرد بالعيب. ولا خلاف بين المسلمين أن التفرق لا يقطعه ولا [يقطع](٢) ما يجري مجراه من خيار الرد إذا لم يجده على الصفة التي شرطت للمشتري.
  وحكى(٣) عن عيسى بن أبان أنه كان حين كانت العقوبة بالأموال، ولما نسخ ذلك نسخ هذا أيضاً. وهذا أيضاً لا معنى له؛ لأن الذي أوجب فيه النبي ÷ إنما أوجبه عوضاً عن اللبن الذي استهلكه، لا على سبيل العقوبة، فكيف نسخه للوجه الذي ذكره؟
  على أنه جعل وجه العقوبة فيه أن جعل اللبن المحلوب ثلاثة أيام عوضه صاع من تمر، ولعله يساوي أضعاف ذلك. فيقال له: ولعل اللبن لا يساوي ربع صاع، فلم وجب أن يعاقب المشتري المغرور بأن أخذ منه صاعاً من تمر واللبن(٤) لا يساوي ربع صاع من تمر، وهو لا ذنب له، والذنب للبائع الغار؟ فبان بذلك بطلان هذا الوجه.
  وقال أبو جعفر الطحاوي: يجب نسخه بنهي النبي ÷ عن [بيع] الدين بالدين، وذلك مما رواه ابن عمر عن النبي ÷ أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، قال: وذلك أن [بعض] اللبن كان في الضرع يوم العقد، وتناوله العقد، فجعله النبي ÷ للمشتري - وهو مستهلك - بصاع من تمر يرده مع الشاة، والصاع أيضاً دين.
(١) شرح معاني الآثار (٤/ ١٩).
(٢) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٣) أي: الطحاوي، ولفظه: وقال عيسى بن أبان: كان ما روي عن رسول الله ÷ من الحكم في المصراة في وقت ما كانت العقوبات في الذنوب تؤخذ بها الأموال.
(٤) في (أ، ج): لأن اللبن. وفي (د): للبن.