باب القول في السلم
مسألة: [في أخذ رأس مال السلم في السلم الفاسد]
  قال: وإذا أسلم الرجل سلماً فاسداً فأراد أخذ ما دفعه إلى المسلم إليه أخذه إن وجده بعينه، وإن كان قد استهلكه وجب عليه مثله إن كان ما أعطاه [نقداً أو مكيلاً أو موزوناً، فإن كان ما أعطاه](١) عرضاً أو حيواناً أخذ منه قيمته يوم استهلكه(٢).
  وهذه الجملة لا خلاف فيها؛ لأن السلم إذا فسد كان المسلم أولى بما دفع إن كان قائماً بعينه؛ لأن العقد قد بطل، ولم يكن هناك إلا القبض، فوجب أن يكون حكم المقبوض حكم الوديعة والغصب أن صاحبه يكون أولى به بعينه إن كانت عينه باقية، وإن كان قد استهلكه وكان من ذوات الأمثال كان عليه مثله، لا خلاف في أن ذلك حكم ذوات الأمثال وذوات القيم؛ لأن ذلك أقرب إلى أن يكون ذو الحق قد استوفى حقه، ويكون أبعد من التفاوت.
  ومعنى قوله: يوم استهلكه إذا كان الاستهلاك يوم القبض؛ لأنه حين يقبضه يصير مضموناً عليه على ما نقوله في المغصوب.
مسألة: [في عجز المسلم إليه عن الوفاء]
  قال: فإن عجز المسلم إليه عن إيفاء السلم كان المسلم بالخيار: إن شاء أنظره إلى وقت مقدرته، وإن شاء استرجع منه ما أعطاه إن كان قائماً بعينه أو مستهلكاً على ما بيناه في المسألة الأولى، ولم يجز له أن يأخذ قيمة ما أسلم فيه(٣).
  وذلك أن المطالبة قد صحت بحلول الأجل، والعقد صحيح كما كان، فأشبه بيع العين إذا تعذر على البائع تسليم المبيع في أن المشتري بالخيار بين أن يصبر إلى
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٢) الأحكام (٢/ ٥٨، ٥٩) والمنتخب (٤٠٦، ٤٠٧).
(٣) الأحكام (٢/ ٥٨، ٥٩) والمنتخب (٤٠٣).