باب القول في وجوب الأجرة
  ووجه ذلك: أن الإجارة لا يستحق أخذ الأجرة عليها إلا إذا حصلت(١) على الغرض المقصود، فمتى استأجره ليرجع بالجواب إليه كان غرضه مقصوراً عليه، وعليه وقعت الإجارة، فمتى لم يفعل ذلك لعائق أو غير عائق لم يستحق الأجرة(٢)؛ لأن الذي في مقابلتها من النفع - وهو رد الجواب إليه - لم يحصل، وعلى هذا قال في الفنون(٣): من استأجر أجيراً ليحج عن الميت فانصرف من بعض الطريق لعائق منعه: إنه لا شيء له من الأجرة؛ لأن الغرض المقابل للأجرة لم يحصل ولا شيء منه، فلم يجب أن يحصل شيء من الأجرة.
  قال: فإن كان استأجره على أن يوصل الكتاب إليه ففعل ذلك استحق الأجرة وإن لم يعد بالجواب(٤).
  لأن الغرض في هذا مقصور على الإيصال، فمتى حصل ذلك وجب أن يوفى ما يقابله من الأجرة.
مسألة: [فيمن استأجر من رجل جمله ليحمله عليه إلى موضع معلوم فترك أحدهما الآخر في بعض الطريق]
  قال: ولو أن رجلاً استأجر من رجل جمله ليحمله عليه(٥) إلى موضع معلوم بأجرة معلومة فتركه الجمال في بعض الطريق ولم يحمله لم يكن للجمال من الكراء إلا إلى حيث حمله، فإن كان المكتري هو الذي تركه وجب عليه الكراء إلى الموضع الذي شارطه(٦).
(١) في نسخة في (هـ): فعلت.
(٢) في (أ، ج، هـ): فمتى استأجره ليرجع بالجواب إليه ولم يرجع به وسواء كان ذلك لعائق أو غير عائق لم يستحق الأجرة.
(٣) الفنون (٦٧٠).
(٤) المنتخب (٤٥٩).
(٥) «عليه» ساقط من (أ، ج، هـ). وفي (ب، د): ليحمل عليه.
(٦) المنتخب (٤٦١).