شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ضمان الأجير

صفحة 310 - الجزء 4

باب القول في ضمان الأجير

  كل ما تلف على الأجير المشترك مما استؤجر على عمله فهو ضامن له، سواء تلف بجناية أو بغير جناية، إلا أن يكون تلف بأمر غالب لا قبل له بدفعه⁣(⁣١).

  وهذا قول أبي يوسف ومحمد، وإجماع أهل البيت $، وقول أمير المؤمنين #.

  وخالف فيه أبو حنيفة وسائر أصحابه غير أبي يوسف ومحمد.

  وللشافعي فيه قولان.

  والأصل فيه: ما روي عن علي # أنه كان يضمن الأجير المشترك ويقول: (لا يصلح الناس إلا ذلك)⁣(⁣٢) ففيه وجهان من الدلالة: أحدهما على أصولنا: هو قول أمير المؤمنين #، وعندنا أنه يجب اتباعه ولا تجوز مخالفته.

  والثاني: قوله: (لا يصلح الناس إلا ذلك)، وذلك أن المصالح لا يعلمها إلا الله ø، والرسول ÷ بتعريف الله إياه، فكان ذلك دليلاً على أنه قال ما قال توقيفاً عن رسول الله ÷، فجرى مجرى النص عليه.

  فإن قيل: لعله أراد أن الناس لا يصلحهم إلا ذلك بأكثر الرأي عنده.

  قيل له: حمل الخبر على ذلك حمل له على المجاز بغير دليل؛ لأنه لا يكون صلاحاً على الحقيقة، وإنما يكون عنده أنه كذلك، وهذا لا معنى له. وأيضاً لا يجوز تضمين الأموال ولو غلب على ظن الإمام أو الحاكم أن ذلك أصلح لهم، هذا ما لا خلاف فيه، فلم يبق إلا ما قلناه. وأيضاً قد ثبت أن الأجير المشترك مضمون عليه عمله الذي استؤجر عليه؛ ولهذا نوجب عليه ضمان⁣(⁣٣) [ما وقع


(١) المنتخب (٤٧٦، ٤٧٧).

(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٦٠) بلفظ: أنه كان يضمن القصار والصواغ وقال: (لا يصلح الناس إلا ذلك).

(٣) في (أ، ج): تضمين.