باب القول في المزارعة
  فإن قيل: [ليست المهايأة موجبة بعقد الإجارة(١).
  قيل](٢) له: لا يمتنع أن يكون العقد يوجبها إذا كان لا يصح الانتفاع به إلا معها، كالشرب(٣) [والطريق والمسيل يقتضيه](٤) [عقد الإجارة؛ إذ الانتفاع لا يصح إلا معها. على](٥) [أنهم لا يخالفون أن هبة المشاع فيما لا تتأتى فيه القسمة](٦) صحيحة، ويعتلون أن القبض فيه لا يتأتى إلا على المهايأة، فوجب أن يقولوا بذلك في إجارة المشاع وفي هبة ما تتأتى فيه القسمة من المشاع.
  على أن أبا حنيفة يقول: لو مات أحد المستأجرين انتقضت الإجارة في نصيبه وبقيت الإجارة في نصيب الحي، وذلك لا يمكن الانتفاع به إلا على سبيل المهايأة، ولم يجب لذلك فساد إجارة الباقي، فوجب أن يكون ذلك كذلك في ابتداء الإجارة؛ لاجتماعهما في أن الانتفاع يصح على سبيل المهايأة.
  فإن قيل: فهلا أبطلتم ما ذهبتم إليه؛ لأن الاستئجار على نصف(٧) العمل مجهول.
  قيل له: إذا كان الجميع معلوماً فيجب أن يكون النصف معلوماً؛ ولهذا صح بيع نصف أرض معلومة ونصف حيوان معلوم ونصف ثوب معلوم. وعلى هذا
(١) وإذا لم تكن المهايأة من موجب العقد لم تجب، وإذا لم تجب لم يصح العقد؛ لتعذر استيفاء المنافع. (شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٤٠٥).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٣) في (أ، ج، هـ): كالبيع. وفي (ب): كالمشرب.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).
(*) ولفظ شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٤٠٥): وقال أبو يوسف ومحمد: تجوز الإجارة ويتهايآن فيها، كمن استأجر أرضاً أو داراً ولم يشرط له الشرب والطريق كان له الشرب والطريق؛ إذ لا يصل إلى الانتفاع إلا بهما، فصارا موجبين بعقد الإجارة؛ لتعلق صحتها بهما، كذلك المهايأة.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).
(٧) في (ب، د، هـ): بنصف. وظنن في (هـ) بـ: على نصف.