باب القول في أحكام الرهن وتوابعه
  يأخذ شيئاً منه حتى يؤدي جميع ما عليه(١).
  قلنا: إن حق المرتهن سرى إلى الولد والنماء لأنه حق ثابت في الرقبة كالكتابة والتدبير والاستيلاد؛ ألا ترى أن جميع ذلك لما كان حقاً ثابتاً في الرقبة سرى إلى الأولاد؟ وكذلك حق المرتهن. ويبين أن حق المرتهن ثابت في الرقبة أنه يستوفي حقه من قيمتها إن تلفت، أو ثمنها إن بيعت، ويكون أحق بها من سائر الغرماء.
  فإن قيل: يلزمكم ذلك في الجناية(٢).
  قيل له: حق الجناية(٣) ليس بثابت في الرقبة؛ فلذلك لم يسر في الولد كما وجب أن يسري حق الرهن إلى الولد والنماء الحادث. وليس يلزم على ذلك أيضاً حق الإجارة؛ لأنه غير مستقر في الرقبة، وإنما هو مستقر في المنافع. وكذلك الموصى له(٤) بخدمته حقه ثابت في المنافع. وأيضاً لما كان الرهن محبوساً لاستيفاء الحق المتعلق به على وجه الوثيقة وجب أن يثبت حق الحبس في الأولاد والنماء.
  فإن قيل: السراية إلى الأولاد تكون في العقود التي تقتضي انتقال الملك كالبيع والهبة، والرهن لا يوجب انتقال الملك.
  قيل له: عقد المضاربة لا يوجب انتقال الملك، ومع هذا ولد مال المضاربة يكون من مال المضاربة. ويقاس على الزيادة المتصلة بعلة أنها نماء حادث من الرهن.
  فإن قيل: الزيادة المتصلة لا يمكن إزالتها؛ فلذلك كانت رهناً.
  قل له: كان يجب أن يكون الرهن بمنزلة المشاع، وكان يجب أن تكون الزيادة
(١) الأحكام (٢/ ١٠٣) والمنتخب (٤٢٥).
(٢) لفظ شرح القاضي زيد: ولا يلزم على العلة الأولى ولد المستأجرة؛ لأن الإجارة ليست حقاً في رقبتها، وإنما هي حق في منافعها. قال أبو طالب: ولا يلزم عليه ولد الجانية؛ لأن الجناية ليست مستقرة في رقبتها؛ بدلالة أن للمولى أن يسقط الجناية عن رقبتها مع بقاء الحق، وليس للراهن أن يسقط حق المرتهن عن الرهن مع بقاء الحق.
(٣) «حق الجناية» ساقط من (ب).
(٤) «له» ساقط من (أ، ب، ج، د).