باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه
  قيل له(١): نحن نعلل لما يصح المنع فيه، وذلك مما لا يصح المنع(٢) منه؛ لأنه لا يحصل بفعله واختياره، والإنسان إنما يمنع من فعله دون ما ليس بفعلٍ له. وتحرير القياس فيه أن نقول: لا يجوز أن يختار ابتداء تملكه لما فيه من الاعتلاء عليه؛ دليله استدامة تملكه لما فيه من الاعتلاء عليه.
  على أنا وجدنا الاستدامة للأحوال أخف من الابتداء فيها؛ لأنا وجدنا في الأصول ما يجوز الاستدامة له ولا يجوز الابتداء به، ألا ترى أن المحرم له استدامة النكاح بالإجماع، وفي ابتدائه خلاف، ويجوز استدامة نكاح المعتدة بالإجماع، ولا يجوز ابتداء نكاحها بالإجماع؟ ولم نجد ما لا تجوز فيه الاستدامة ويجوز الابتداء، وإن وجدنا ما لا يجوز ابتداؤه ولا استدامته، كالنكاح مع الرضاع ونحوه.
  فإن قيل: إسلامه لا ينافي ملك الذمي له.
  قيل له: ليس هذا موضع الخلاف، وموضع الخلاف ابتداء تملكه له على سبيل الاختيار، وعندنا أن إسلامه مانع منه.
مسألة: [في عبد بين ثلاثة كاتبه أحدهم ثم دبره الآخر ثم أعتقه الثالث]
  قال: وإذا كان العبد بين ثلاثة أنفس فكاتبه أحدهم ثم دبره الآخر ثم أعتقه الثالث، أو دبره الأول أو أعتقه بطل ما فعل الشريكان بعده ثانياً وثالثاً، وضمن الشريك الذي أعتق أولاً أو دبر أو كاتب لشريكيه ما لهما في العبد(٣).
  قد مضى الكلام فيمن أعتق نصيبه من عبد بينه وبين شريكه، وما نختاره، وما فيه من الاختلاف، والفرق بين الموسر والمعسر، فلا حاجة في إعادته.
  وأما إذا دبر أحدهم نصيبه فأبو حنيفة يذهب إلى أن لشريكه فيه خمسة
(١) في (أ، ج): قلنا.
(٢) في (أ، ج، هـ): منعه.
(٣) المنتخب (٢٩٧).