شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 45 - الجزء 5

  وكذا على ما يتفقان عليه [على] أنه حر متى وفر على سيده ما كوتب عليه على ما شورط، فإن عجز فهو مردود في الرق، وكذلك إن كان وفر أكثر ما عليه، وإن وفاه ما كاتبه عليه عتق⁣(⁣١).

  قد بينا أن قوله: «المكاتبة أن يتراضى السيد والعبد على شيء معروف» فيه تنبيه على أنه لا إجبار في الكتابة - خلافاً لأصحاب الظاهر - بما لا معنى لإعادته، وبينا أن قوله: «إن وفاه ما كاتبه عليه عتق» يدل على أنه لا يوجب الحط للإيتاء. وقوله: يتراضيان على شيء معروف يدفعه إليه في أوقات معروفة أو نجوماً منجمة⁣(⁣٢) على أنه يجوز أن ينجما نجماً واحداً، وكل من قال ذلك رجع به⁣(⁣٣) إلى الحال، ولأن النجم الواحد لا يقتضي التأجيل، بل يجوز أن يكون حالاً، خلافاً للشافعي أنها لا تصح على أقل من نجمين.

  والدليل على ذلك قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ} ولم يشترط فيه الحلول ولا الأجل، ولا النجوم ولا النجمين، فصح جميعه بحق العموم، مثل قوله ø: {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ}⁣(⁣٤) [البقرة: ٢٧٥] فدل ظاهره على جواز البيع نقداً ومؤجلاً بأجل واحد وآجال عدة.

  فإن قيل: هذا عقد يتضمن الكتاب في غالب الأحوال، والندب إلى الكتاب⁣(⁣٥) من الله تعالى واقع في الحقوق المؤجلة.

  قيل له: ومن يسلم لك أن هذا العقد يتضمن الكتاب في غالب الأحوال؟ بل عقد الكتابة عقد يقل بين الناس، فكيف يعتبر فيه العرف وغالب الأحوال؟


(١) الأحكام (٢/ ٣٣٨).

(٢) في (ب، د): ينجمه.

(٣) «به» ساقط من (أ، ج).

(٤) في (ب): {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}.

(٥) في (أ، ج): والندب بالكتاب. وفي (ب، د): والندب من الكتاب.