شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادة على العتق

صفحة 69 - الجزء 5

  الحمل عليها؛ لأنه يصح أن نحمل الإنسان على أن يصلي، ولا يصح بل يتعذر أن نحمله على أن يقصد به التقرب إلى الله ø وألا يتقرب به إلى الشيطان، فلم يبق تحت هذه العبارة معنى يصح.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يتصرف فيه بالبيع والانتفاع بثمنه⁣(⁣١)، وذلك مما يلزم المنع منه؟

  قيل له: لا يصح التصرف في الحر بالبيع؛ لأن البيع قول يجري بين المتساومين، وإنما نقول: إنه تصرف في المبيع من جهة الحكم؛ لأنه نقل ملك مالك إلى مالك، فأما ما لم يكن ملكاً ولم يصح نقله من مالك إلى مالك لا يكون تصرفاً فيه، ولهذا للمشهود عليه أن يبذل التمكين من التصرف في منافعه لغيره كما له أن يبذله للأول، وأكل الثمن أيضاً كذلك؛ لأنه ليس بثمن له؛ لأن الحر لا ثمن له؛ لأنه مال الغير، فإذا ثبتت هذه الجملة صح أن الشهادة ليست بشهادة الحسبة، وأنها تبطل إذا تناكرها المشهود عليه وله. على أن شهادة الحقوق أكثرها يدخل فيها على سبيل التبع ما تتعلق به الحسبة، لكن لا معتبر بها، وإنما المعتبر بما تتناوله الشهادة.

  قال: وإن كان المشهود عليه يعلم أنه قد أعتقه لم يحل له إمساكه⁣(⁣٢).

  وهذا صحيح؛ لأنه إذا عرف من نفسه ذلك أثم في استرقاقه فيما بينه وبين الله، وباء بوزره.

  قال: وإن شهدا على أمة بالعتق فأنكرته الأمة والمشهود عليه ثبتت الشهادة وعتقت الأمة⁣(⁣٣).

  وهذا ما لا خلاف فيه؛ لأن الشهادة قد تعلقت بالحسبة، وهي مما يسمع وإن


(١) في (ب، د): من ثمنه.

(٢) الأحكام (٢/ ٣٤٨).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٤٨).