شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 246 - الجزء 1

  # قال: قال رسول الله ÷: «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» [فقد صرح ÷ بنفي العمل إلا بالنية، فيجب الا يكون الوضوء إلا بالنية]⁣(⁣١).

  فإن قيل: إن النفي لا يجوز أن يكون متناولاً لذات العمل؛ لأن العمل قد يحصل وإن لم تكن نية تضامه، وهذا معلوم ظاهر، فثبت أنه يتناول أحكام الفعل، ولا يجوز أن يكون النبي ÷ أراد إجزاءه وكماله؛ لأن نفي الكمال يقتضي بقاء حكم الأصل، ونفي الإجزاء يقتضي نفي حكم الأصل، وإذا لم يصح حمله عليهما وكان المراد أحدهما صار مجملاً لا يصح التعلق بظاهره.

  قيل له: ليس الأمر على ما ذهبت إليه؛ لأن نفي حكم الأصل يتضمن نفي الكمال، ولا نسلم أن نفي الكمال أبداً يقتضي بقاء حكم الأصل، وإن كان في بعض المواضع لا يمتنع أن ينتفي الكمال ويبقى حكم الأصل، وإذا كان ذلك كذلك لم يمتنع أن ينتفي حكم الأصل فينتفي الإجزاء والكمال جميعاً، وإذا صح ذلك وجب حكم النفي عليه بحق العموم⁣(⁣٢).

  يوضح ذلك: أن النبي ÷ لو قال باللفظ الصريح: لا عمل يكمل ويجزئ إلا بالنية لصح ذلك، فبان أن الذي ادعوه من فساد الكلام متى حمل عليها⁣(⁣٣) غلط ممن ادعاه.

  فأما قولهم: هذا الذي ذكرتموه يقتضي نسخ قول الله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ ...} الآية [المائدة: ٦]؛ لأنه زيادة عليها، والزيادة على النص تقتضي نسخه - فذلك ساقط على أصولنا؛ لأن هذا القبيل من الزيادة لا يكون نسخاً عندنا.


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) يعني عموم المقتضي. (من هامش أ).

(٣) في هامش (أ): «عليهما» ظن.